فيما تترقّب الأوساط السياسية ما يتوقع صدوره عن الرئيس سعد الحريري اليوم في الذكرى الـ19 لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، لأنها ستكون مؤشراً على عودته الى العمل السياسي من عدمها، انشغلت الاوساط السياسية امس في تَتبّع ما شاع عن وجود اقتراح فرنسي لإنهاء المواجهات الدائرة على الجبهة الجنوبية بين «حزب الله» واسرائيل. وفي هذه الأجواء بَدا ان ملف الاستحقاق الرئاسي تراجع الى الخطوط الخلفية في انتظار الجديد على مستوى الحراك الداخلي، وكذلك على مستوى المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية.
لم يَطرأ اي جديد على الملف الرئاسي الذي تراجع الى الخطوط الخلفية بفِعل عامل الانتظار القاتل الذي يدخل بعد كل حركة سياسية او دبيلوماسية، حيث كشف مصدر سياسي لـ«الجمهورية» انّ «رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو مجدداً الى حوار، فقد سبق له ان دعا إليه، وكل طرف اعلن موقفه بهذا الخصوص، هم لا يريدون حواراُ ولا حتى تشاوراً». وقال: «هناك وقائع الان تفرض نفسها لها علاقة بموضوع الحرب واهتمامات الجميع اصبحت مرتبطة بها». وأكد انه لم «يطرأ اي جديد بعد لقاء سفراء الخماسية مع الرئيس نبيه بري، لا خطوات ولا برنامج حالياً في انتظار ان يستكمل الموفد الفرنسي جان ايف لودريان جولته الخارجية ويعود الينا مجدداً».
الى ذلك بدا المشهد في «بيت الوسط» أمس وكأنه يستعد لمواكبة تسوية سياسية كبيرة في المنطقة وللبنان حصة منها، فيما بدا المشهد على الحدود الجنوبية انه أجوبة بالنار على ما يدور من اوراق ومقترحات فرنسية واميركية.
وقال مصدر سياسي رفيع على تواصل مباشر مع «حزب الله» لـ«الجمهورية» ان الطروحات الفرنسية التي وصلت الى المعنيين في لبنان لا ترتقي الى مستوى ورقة هي فقط افكار غير منظمة جرى ترتيبها بشكل خطة يكون تنفيذها على مراحل لكنها منحازة للاسرائيليين. وتابع المصدر: الافكار تدور بنفس الفلك مع طروحات هوكشتاين وهي قابلة للنقاش ويمكن قبولها او رفضها او تعديلها بعد النقاش… نحن موقفنا واضح نريد تطبيق القرار ١٧٠١، وهذا الامر يُغني عن كل الطروحات والافكار والاوراق.
إقتراح فرنسي
وكانت وكالة «رويترز» قد افادت أمس أن فرنسا قدمت اقتراحا مكتوبا للبنان يهدف إلى إنهاء الأعمال القتالية مع إسرائيل والتوصّل الى تسوية في شأن الحدود المتنازع عليها بين الجانبين، وذلك بحسب وثيقة تدعو المقاتلين، بما في ذلك وحدة النخبة التابعة لـ«حزب الله»، إلى الانسحاب مسافة 10 كيلومترات من الحدود، وتهدف الخطة إلى إنهاء القتال بين «حزب الله» إسرائيل عبر الحدود.
ونقلت «رويترز» عن أربعة مسؤولين لبنانيين كبار وثلاثة مسؤولين فرنسيين انّ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه سَلّم الوثيقة الأسبوع الماضي الى المسؤولين الكبار في الدولة اللبنانية بمَن فيهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهي أول اقتراح مكتوب يتم تقديمه إلى لبنان خلال جهود الوساطة الغربية المستمرة منذ أسابيع.
ويقول الاقتراح إن الهدف هو منع نشوب نزاع «يهدد بالخروج عن نطاق السيطرة» وفرض «وقف محتمل لإطلاق النار، عندما تكون الظروف ملائمة»، ويتصور في نهاية المطاف إجراء مفاوضات حول الحدود البرية المتنازع عليها.
وكشف مصدر دبلوماسي فرنسي انّ الاقتراح طرح على حكومتي إسرائيل ولبنان وعلى «حزب الله». فيما اكد دبلوماسي غربي مُطّلع على الاقتراح المكتوب في صفحتين انّ من شأن الانسحاب للمسافة الأقصر أن يساعد في ضمان عدم وصول الصواريخ إلى قرى شمال إسرائيل التي تم استهدافها بصواريخ مضادة للدبابات، وانه بمثابة حل وسط يُعدّ مُستساغاً أكثر لـ«حزب الله» من التراجع إلى نهر الليطاني.
كذلك يقضي المقترح أيضا بأن يتم نشر ما يصل إلى 15 ألف جندي من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، وهي معقل سياسي لـ«حزب الله» حيث يندمج مقاتلو الحزب منذ فترة طويلة في المجتمع في أوقات الهدوء.
ورداً على سؤال حول الاقتراح، اكد النائب حسن فضل الله لوكالة «رويترز» انّ الحزب لن يناقش «أي أمر له علاقة بالوضع في الجنوب قبل وقف العدوان على غزة». وأضاف أنّ «العدو ليس في وضع يُسمح له بفرض شروط». وأحجَم فضل الله عن التعليق على تفاصيل الاقتراح أو ما إذا كان «حزب الله» قد تسلّمه.
واكد أحد المسؤولين اللبنانيين انّ الوثيقة تجمع أفكارا نوقِشت في اتصالات مع مبعوثين غربيين وتم نقلها إلى الحزب. وأضاف أن المسؤولين الفرنسيين أبلغوا الى اللبنانيين أنها ليست ورقة نهائية
كان يوم أمس يوم سعد الحريري بامتياز، اذ تقاطرت الوفود الديبلوماسية والسياسية والدينية الى «بيت الوسط»، وأجمَعت على مطالبته بالعودة عن قرار اعتزال العمل السياسي. وأبرز زوّاره قبل الظهر كانت السفيرة الأميركية الجديدة لدى لبنان ليزا جونسون، التي قالت بعد اللقاء الذي دام 45 دقيقة: «كان اللقاء ممتازًا».
وتحدثت معلومات عن وجود «رغبة اميركية واضحة» بعودة الحريري الى الحياة السياسية والمساهمة في التسوية الاقليمية الجاري إعدادها وفي عملية نهوض لبنان.