المقاطعة الدولية تُطيح مؤتمر فرنسا لدعم الجيش

بسبب عدم اكتمال الحضور، أرجأت فرنسا مؤتمراً دعت إليه لدعم الجيش اللبناني حدّدت موعده في السابع والعشرين من الشهر الحالي في باريس. لم تبلغ الدولة الداعية أي فرنسا المعنيين في لبنان عن أسباب التأجيل أو تحدّد موعداً لاحقاً لإنعقاده بعدما سبق وأبلغتهم عزمها على ترتيب المؤتمر من دون تزويد المعنيين التفاصيل. وجاءت الخطوة في أعقاب الحديث عن مساعٍ دولية لتنفيذ القرار 1701 وضمان الأمن والإستقرار على الجبهة الجنوبية. تولّت يومها فرنسا بناءً على رغبة لبنان الدعوة إلى مؤتمر غايته، كما كان متفقاً عليه تأمين دعم الجيش بالعتاد وتمويل زيادة 7000 عنصر جديد للإنتشار في الجنوب بعد انسحاب «قوات الرضوان» التابعة لـ»حزب الله». ومن هنا بدأت الحكاية.

‎تولت فرنسا توجيه الدعوات، وأبلغت أنها ستقتصر على عدد محدود من الدول القادرة على تأمين المساعدة للبنان. المتعارف عليه أنّ فرنسا لا تصرف من ميزانيتها، بل تعتمد على مساعدات الدول المعنية بلبنان أي السعودية وقطر والولايات المتحدة وألمانيا، بدرجات متفاوتة. ‎تقول المعلومات، نقلاً عن مصادر معنية، إنّ لغطاً أحاط الحديث عن هذا المؤتمر من البداية. تحضيراته لم تكن قد انتهت وقبل أن تتبلغ فرنسا موافقة الدول المدعوة على الحضور أعلنت الموعد، ثم أعلنت التأجيل، وفي الحالتين لم تبلغ لبنان رسمياً بالأمر، طلبت مشاركة قائد الجيش العماد جوزاف عون، ثم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ليتبيّن أنّ المؤتمر سينعقد على مستوى وزراء خارجية.

‎ويعكس التراجع الفرنسي واقع أنّ الخطوة لم ترق لكثير من الدول التي سارعت إلى الإعتذار عن عدم المشاركة، فلم يكتمل النصاب، ما اضطر فرنسا إلى إعادة النظر في عقد المؤتمر. ‎وطبيعي أنّ أولى الدول المعترضة على خطوة فرنسا هي الولايات المتحدة التي لم يرق لها أن تلعب فرنسا دوراً غير متفق عليه بين دول «الخماسية» في وقت ترتفع أصوات الكونغرس الأميركي اعتراضاً على المساعدات التي تقدم الى الجيش اللبناني. اتهام سياسي غايته الضغط على الحكومة في لبنان لنشر الجيش على طول الحدود الجنوبية المحاذية للحدود مع اسرائيل. ‎فرملت واشنطن خطوة الفرنسيين بما يؤشر إلى أنّ خلافات «الخماسية» الرئاسية مردّها إلى الخلاف بين الدول على الدور في هذه المرحلة، ومرتبطة باختلاف المقاربة للوضع في جنوب لبنان وملف رئاسة الجمهورية. مشاريع نفوذ تتصارع في ما بينها وتنعكس على عمل «الخماسية».

‎ويفسر التأجيل أو الإلغاء غير المعلن على أنه فشل جديد يضاف إلى مشاريع الفشل الفرنسية المتكررة من ترسيم الحدود إلى تنفيذ الـ1701 وصولاً إلى رئاسة الجمهورية، ثم ملف الغاز وغيرها من الأمور التي حاولت فرنسا أن تحظى بدور من خلالها، ولم يكتب لها النجاح. ‎ترصد مصادر مواكبة لأجواء الأوروبيين غيابهم عن التطورات التي تشهدها المنطقة، وأنّ جزءاً من حضورهم يعكس رغبة في المبادرة لكنهم بعيدون عن الخطوات الأميركية ومفاوضاتها، وغير مطلعين على مسار المفاوضات الأميركية مع الإيرانيين. وفي أكثر من ملف يمكن ملاحظة خلاف الرؤية بين الولايات المتحدة وفرنسا. تسعى فرنسا إلى انجاح مساعي انتخاب رئيس للجمهورية. موفدها جان ايف لودريان يستعد لزيارة لبنان، لكنه لم يبلِغ عن موعد زيارته ولا برنامجها وهدفها. يمكن لتأجيل المؤتمر أن يكون رسالة تفرغ مسعى الموفد الفرنسي من مضمونه. كلا الدولتين يخطط لمرحلة ما بعد غزة ويستعد لها، والصراع على الدور الذي تحجزه أميركا ولا تريد شريكاً فيه وتلتزم الصمت حيال لبنان وملفاته. موفدها آموس هوكشتاين اقتنع أن لا محاولات ناجحة في لبنان قبل وقف الحرب في غزة. فرنسا لا تزال تحاول وستبقى…

اترك تعليق