عيسى بو عيسى
هي البلدية الأكبر على ساحل بلاد جبيل والأكثر تعقيدا عند كل استحقاق بلدي بحيث تبقى الانتخابات فيها قائمة ولو صدرت النتائج ، حالات لا تشبه مثيلاتها من القرى والبلدات الجبيلية بفعل قوة وشكيمة رجالها وعنادهم في الالتفاف حول بعضهم البعض إنما … فقط عند المصائب ليتفرقوا في الاستحقاقات شر تفريق ، والحماوة فيها تحسب لها الدولة واجهزتها حسابا كبيرا وحصة من القوى الامنية لمواكبتها توازي عدة بلدات .
يبلغ عدد المقترعين فيها مماثلا لعدد النازحين السوريين الذين يبلغ تعدادهم ألفي نسمة تماما بشكل مواز لعدد لاصوات التي تنزل في الصندوق وابرز عائلاتها مرعي وباسيل والراعي وغانم والقراب ، وليس صدفة لهذه البلدة المترامية الاطراف والممتدة من البحر وصولا الى محلة “زلحميا” أعالي المنطقة ان تتطلب خدمات إنمائية وإجتماعية بهذا الوسع نفسه ، وقبل الازمة الحالية ميزانية البلدة مليوني دولار سنويا وكانت كافية لسد هذه الحاجات والبدء ايضا بإنشاء مجمع بلدي ومستوصف ومدرسة وقاعة مسرح تليق بمكانتها أيام الرئيس السابق للبلدية الراحل المهندس شارل باسيل ، لكن الحساب لم يتطابق مع بيدر الواقع الاقتصادي الذي عصف بلبنان وبالبلدة على حد سواء فتوقف المشروع الضخم في منتصفه وبات متعذرا إستكماله نظرا لهبوط سعر صرف الليرة وباتت البلدية بالكاد تلملم النفايات !!
وفي البلدة ثمة من ينتقد عمل البلدية وهذا حق له في غياب شبكة للمجارير الصحية التي تعد أولوية نظرالمعاناة الاهالي من الجوّر الصحية ، لكن دون أن يقدم بديلا أو مشروعا قابلا للتنفيذ ، إنما فقط مشاريع غير واضحة لدى اللوائح المتصارعة تأتي في مرحلة غب الطلب وفي أوقات الحماوة الانتخابية ، مع العلم ان حالات تغص بأصحاب الكفاءات من مهندسين وأطباء ومحامين وحملة إجازات ، لكن عندما تحضر العائلية والبعض من الحزبية تتساوى “الشهادات” في خضم المعركة ويتكاثر المتقاتلين على ارض واحدة وتتعاظم العداوات بشكل كبير ، مع العلم أنه في كل إستحقاق يتنامى شعور “الضرب” على الصدور ويكثر الطامحين من مؤهلين أو غيرهم .
وثمة من يعتقد من اهالي البلدة أيضا أن مستحقات البلدية يجب أن تكون كافية لإقامة مشارع المجارير الصحية والبنية التحية من طرقات وأقنية … إنما واقع الحال ووفق الارقام التي يقدمها رئيس البلدية الحالي المحامي توفيق الراعي بالورقة والقلم غير كافية سوى للتعامل مع مسألة النفايات فقط بالرغم من كون معظم العمال المصريين غادروا البلدة وتناقص عديد الحراس أو الشرطة البلدية الى أقل من النصف نظرا للرواتب التي لا يمكن أن تؤمنها البلدية مع ارتفاع سعر الدولار الاميركي ،
ويقول المحامي الراعي : اننا نعمل على عصر النفقات قدر المستطاع وتم الاستغناء عن بعض الامكنة المستأجرة والمستودعات وتم جمعها في مكان واحد كي نستمر ، اضاف : ان ارتفاع سعر الدولار الجنوني لم يدع لنا مجالا سوى العمل على قدر الموجود بالرغم من ظلم الموازنة التي صدرت من الدولة ، وعن رفع القيمة التأجيرية من قبل البلدية لفت الى أننا رفعنا الاسعار عشر مرات أو عشرين ولم نظلم الناس بالتأكيد كي نستمر بأقل ضرر علينا وعلى الناس ويقول بشيء من “النرفزة” : مش قادرين بس سوى على لمّ الزبالة وتصليح الشاحنات والمازوت بالرغم من كون بعض الخيرّين في البلدة والمحيط يمدون لنا يد المساعدة في بعض المشاريع الصغيرة … كنا نجمع سنويا من القيمة التأحيرية مليوني دولار هذا العام بالكاد نجمع 400 ألف دولار ! وقال :الامر الايجابي الوحيد الذي يمكن تسجيله هو إستملاك الرئيس السابق للبلدية شارل باسيل لبعض الاراضي بمبلغ خمسة ملايين ونصف المليون دولار بغية جمع مبنى البلدية والمدرسة في بناء واحد مع تياتر كبير ، وهذه المبالغ خرجت من البنوك وتم صرفها في المشروع نفسه قبل الازمة وهذا أمر ممتاز للغاية … من الطبيعي ان تتعرض البلدية للانتقاد لان الناس بمخيلتهم أن العيش ما زال على سعر ال 1500 ليرة للدولار !!! والمثل الاكبر على التفاوت في أعمال الصرف أنه كان لدينا 20 عاملا للتنظيفات لكنهم تناقصوا لان الدولة تعطيات اتـعابا يومية بحدود 400 الف ليرة يوميا فيما في الماضي كانت اجرة العامل ما يوازي المليون ونصف مليون ليرة أي حوالي ألف دولار شهريا !!!! وطالب الراعي بأن يكون المجلس البلدي الجديد من المتعلمين والمثقفين في البلدة نظرا لاطلاعهم على القوانين والتعامل مع الدولة وملاحقة المشاريع .
وبحسب مصادر في البلدة تبدو أنها قادمة على “معركة” حقيقية للبلدية إذا ما حسمت الدولة أمر إجراء العملية الانتخابية ، ومنذ الاّن وبالرغم من ضبابية الموقف الرسمي يبدو ان هناك ثلاثة لوائح : الاولى تشكل امتدادا لعمل الراحل شارل باسيل وبرئاسة جاد باسيل والثانية برئاسة نزار باسيل قريب الاول وحيث كان في حضن اّل باسيل ثم إفترق لاسباب لم يتم توضيحها حتى الاّن أما الثالثة سيكون داني مرعي عصبها الاساسي وتبدو من معالمها انها من العائلات وقريبة من الاحزاب ، وفي بلدة حالات ينتقد أهل البلدة أنفسهم على خلفية التحضير للاستحقاق البلدي بحماسة في ظل عدم الجزم بموعد الانتخابات القادمة ” ما في غير عنّا حامية ” !؟ وحتى اقتراب الموعد الفاصل للانتخابات لا يعرف أحد ما تحمله التطورات من إعادة تموضع أو انسحابات وهذه والثانية يتم العمل عليها لحصر المعركة بين لائحتين ، وعندها يمكن “للفرسان” الثلاثة وفق اللوائح أن يعتبروا أن المساحة لا تتسع لهذا العدد ، ويقول أحد المعمرين في البلدة بما معناه : من لديه حجارة لرشق غيره سيجد عند غيره أكوام منها !!!