مع تصاعد سخونة جبهة الجنوب أمس، أرجأت الحكومة اللبنانية الردّ على ورقة «الترتيبات الأمنية بين لبنان وإسرائيل» التي حملها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورني مطلع هذا الشهر إلى بيروت، وطلبت الحكومة تحويلها إلى ورقة رسمية.
وبحسب مصادر مطّلعة فإن إرجاء الرد جاء لأن الورقة «لم تراعِ الأصول الدبلوماسية، إذ إنها لا تحمل شعار الخارجية الفرنسية ولا السفارة الفرنسية في بيروت»، فيما أعلن وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أمس، بعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي، «أنّنا بحثنا في الردّ على المقترح الفرنسي، ونهيّئ الرسالة التي اتفقنا عليها، والنقاط التي سنتناولها، وسيكون الردّ لدى الفرنسيين الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى أن «موقفنا معروف:
نريد تطبيقاً كاملاً وشاملاً للقرار 1701، ومن ضمنه شبعا وكفرشوبا»، مؤكداً «أنّنا نرحّب بالدور الفرنسي، والفرنسيّون يهمّهم لبنان وسلامته».
غير أن المصادر قالت لـ«الأخبار» إن الجانب اللبناني فهم أن باريس ليست في موقع يؤهّلها للقيام بدور بنّاء، لأن الموقف الفرنسي منذ اللحظة الأولى لعملية «طوفان الأقصى» كان متطابقاً ومتماهياً مع المصلحة الإسرائيلية، إلى درجة أن الورقة الفرنسية تبدو وكأنها «صيغت في تل أبيب». أضف إلى ذلك أن كل الأفرقاء باتوا مقتنعين بأن باريس ليست قادرة على إدارة مفاوضات والتوصل إلى اتفاقات بمعزل عن واشنطن.
كذلك، ثمة اعتقاد لدى غالبية المسؤولين بضرورة انتظار نتائج المفاوضات الجارية في القاهرة والدوحة حول غزة، وأنه في حال أفضت إلى هدنة مؤقتة، فإن ذلك يعني أن هناك إمكانية كبيرة لأن يقوم الموفد الأميركي عاموس هوكشتين بزيارة للمنطقة ولبنان، حاملاً اقتراحات لوقف التصعيد في الجنوب.
ويشار هنا إلى أنه وصلت إلى مسامع جهات رسمية لبنانية أن لدى الموفد الأميركي «مقترحاً لم تُكشف بنوده بعد في انتظار ما ستفضي إليه المفاوضات، لذلك من الأفضل انتظار تطورات الأسبوعين المقبلين، فإذا أتى الموفد الأميركي يكون الكلام مباشرة مع الأصيل باعتبار واشنطن هي الطرف الذي سيُبرم معه أي اتفاق مقبل».
أضف إلى ذلك أن حزب الله، أكثر الأطراف المعنيين بالورقة، يرفض أي بحث في أي إجراءات قبل وقف العدوان على غزة، ما يعني أن المقترح الفرنسي لإنهاء التصعيد الذي ينصّ على انسحاب الحزب على الأقل 10 كيلومترات شمال الحدود ووقف إطلاق النار وتأليف لجنة لمتابعة مسار العملية ودخول الجيش إلى الجنوب، لا يبدو أن له مكاناً في الوقت الراهن، وبالتالي ما من داعٍ للالتزام بردّ لبناني رسمي في الوقت الراهن أيضاً.