لا يُسقط أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان احتمالات أن تشنّ إسرائيل عدواناً على بعضها بعدما وسعت دائرة اعتداءاتها على مختلف المناطق اللبنانية، وصولاً إلى البقاع وقبلها الغازية – قضاء صيدا وكفررمان – النبطية وجدرا – إقليم الخروب، ارتباطاً بالتصعيد العسكري في الجنوب منذ اندلاع عملية «طوفان الأقصى». وتُضاف المخاوف من عدوان، إلى هموم أبناء المخيمات المتشعبة والمتداخلة بدءاً من تداعيات الأزمة المعيشية اللبنانية، مروراً بمتابعة تفاصيل العدوان الإسرائيلي على غزة وأهلها ومقاومتها، وصولاً إلى محاولات استهداف وكالة «الأونروا» ومحاصرتها مالياً بعد تعليق 18 دولة مساعداتها لإنهاء عملها وتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة. هذه المخاوف تحضر في يوميات أبناء مخيم عين الحلوة، حيث يتبادلون أطراف الحديث وسط قناعة تامة بأنها تأتي في سياق حلقة متكاملة لا يفصلونها عن بعضها البعض، والهدف الضغط عليهم للاستسلام والقبول بأي حلول طالما شكلت عنوانا للقضية الفلسطينية ولحق العودة وفق القرار الدولي 194.
ويقول القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» في لبنان عمار حوران لـ»نداء الوطن»: «إن احتمال قيام إسرائيل بعدوان على المخيمات وارد في أي لحظة على اعتباره عدواً غادراً، وهناك خشية في مخيمات الرشيدية وعين الحلوة والمية ومية وغيرها إذ إنهم في صلب المعركة العسكرية منذ عملية «طوفان الأقصى» وقد ارتقى لحركة الجهاد 13 مقاتلاً». ويعتبر «أن قرار تعليق 18 دولة المساعدات المالية في هذا التوقيت يأتي ضمن حلقة متواصلة في الحرب على الشعب الفلسطيني برمته، وفي خانة دعم إسرائيل في عدوانها التي تقوم بحرب الإبادة وتفرض المجاعة لكسر إرادة الشعب الفلسطينية ومقاومته ولكنها لن تستطيع تحقيق هدفها». حيثما جلت في المخيم، تشعر بأن طيف فلسطين حاضر ولا يغيب، في الشوارع والأحياء والأزقة المزيّنة بالشعارات الوطنية والرايات الفصائلية والأعلام، فيما الدكاكين والمؤسسات والأفران والسنترالات تقتبس أسماءها من القرى والبلدات الفلسطينية، بينما يشكل سوق الخضار المكان الأكثر اكتظاظا «Baromètre» لحالتي الاستقرار والأمن أو التوتر والقلق.
«القتل والتهجير والتجويع» معادلة ثلاثية يؤمن بها عضو «اللجنة الشعبية الفلسطينية» في المخيم عدنان الرفاعي، ويقول لـ»نداء الوطن»: «إنهم يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ في غزة ويحاولون تجويعهم وتهجيرهم إلى سيناء، وهنا في لبنان يمارسون الأسلوب الناعم الخبيث في ذات الأهداف، وحصار «الأونروا» ليس بعيداً عن ذلك». ولا يخفي المخاوف من شن عدوان إسرائيلي على المخيمات، ويقول «لن تُكسر إرادتنا ولن نستسلم، فالبحر من أمامنا والعدو من ورائنا، وليس لنا إلا المواجهة، ستأتي هذه المخططات المشبوهة بنتائج عكسية، إذ يطالب أبناء المخيمات بفتح الحدود من أجل نصرة المقاومة في فلسطين والعودة».
في المخيم، لا تتوقف النشاطات الداعمة لغزة وأهلها ومقاومتها، كل يوم يرفع أبناؤه الصوت من أجل وقف الإبادة الجماعية والتجويع، ويقول الناشط الفلسطيني حسام الميعاري لـ «نداء الوطن»: «نعيش الحزن على ما يجري في غزة من مجازر وتجويع وتهجير مثلما حصل العام 1948، نتابع التلفزيونات ومواقع التواصل الاجتماعي بغضب كبير، والخلاصة العالم ظالم ويكيل بمكيالين ويساوي بين الضحية والجلاد». يتابع اللاجئون الفلسطينيون باهتمام حدثين بارزين الأول: انعقاد اللجنة الاستشارية للأونروا في 27 و28 شباط الجاري، تزامناً مع الدعوة العربية لجلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل بحث ملف وكالة الغوث، حيث يدعون إلى حماية الوكالة والدفاع عنها لحين تنفيذ القرار 194 بعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم.
والثاني: الزيارة التي سيقوم بها أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية اللبنانية إلى المخيم للمرة الأولى برفقة مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان دوروثي كلاوس اليوم تعبيراً عن تأييد لبنان لاستدامة عمل «الأونروا» ودورها الإنساني الذي لا يمكن الاستغناء عنه في تقديم الخدمات الأساسية للاجئي فلسطين والمساهمة في الاستقرار في لبنان، ومن المقرر أن يعقدوا مؤتمراً صحافياً في بلدية صيدا بعد انتهاء الجولة.