كان من المفترض أن تتربع بلدية المنصورية على رأس البلديات المتنية لو أحسن القيمون عليها العمل بعيدا عن “الأنا ” والمصالح الشخصية وحب السيطرة من جهة وحفظ الوفا لمن وضعها على خارطة البلدات الهامة في كل لبنان ، واقع الحال ينبيء أن كل التمنيات والامنيات لم تترجم على ارض الواقع ، ولا يمكن الهروب في وضع المسؤوليات للواقع الاقتصادي المستجد في البلاد ذلك أن مداخيل البلدة من الاموال يجب ان تكون كافية لإنمائها من كافة النواحي فهي ممتدة من المكلس وصولا الى الى اّخر البلدة ، فهي مترامية الاطراف وتشهد كثافة سكانية ضخمة ومصانع وشركات تدفع ما عليها من موجبات ، إنما سؤ الادارة وإنعدام الرؤية أعمى المجلس البلدي عن التقدم ولو “فشخة” واحدة الى الامام .
المنصورية ليست “بلدة” صغيرة إنما في الجغرافيا أصبحت مدينة ، في حين يتعامل المجلس البلدي معها على أنها مجرد “قرية” متقوقعة على نفسها تهتم في الشأن الخاص بعيدا عن تعميم الفائدة للجميع وهذا ما يشهد عليه الكثير من الاهالي والسكان ، وبديلا عن التطلع الى مشاريع بنوية وإنمائية للبلدة أصبح النازح السوري والشأن الخاص محط إهتمام البلدية لاسباب يعرفها اهالي البلدة وهي على كل شفة ولسان ، فالسوريون في المنصورية لهم معاملة خاصة في المدارس والإيواء وتنظيم المساعدات لهم حيث يبلغ عديدهم أكثر من السكان والاهالي على حد سواء !! والبلدية غافلة عن تنظيم أمكنة سكنهم بحيث تنتشر أعمال الاخلال بالامن كل يوم .
واذا كانت الزيارة الى البلدة محفوفة بمخاطر الطرقات الغير معبدة والحفرة تتسع لسيارة والمجارير المنتشرة على الطرقات مع إتنشار الروائح الكريهة ، وبالرغم من هذه الصورة السوداوية على مستقبل البلدة السياحية يزيدها سوادا تلك اللامبالاة وفق السياسة المعتمدة من قبل البلدية ورئيسها وهي وفق ما سنسرده من وقائع ستفقد المنصورية تلك الضاحية المسيحية التي يتغنى بها كل المقيمين من كافة المذاهب حيث يسكن فيها نخبة أهالي بيروت والطريق الجديدة وكل من أراد أن ينعم بالراحة والطمأنينة والطقس شتاء وصيفا ، ذلك أن إنحدار مستوى الاهتمام في المنافع العامة للبلدة لمصالح شخصية من اهل الحل والربط سوف يفقدها بالتأكيد تلك الميزة ويقضي على مستقبل البلدة من نواحي السياحة والاعمار والسكن ، وهناك العديد من القاصدين اليها تركوها بفعل الاستنسابية التي يتم التعامل فيها وفق قاعدة : إبن ست وإبن جارية” ، وكل هذا يجري على خلفية إنتخابية … “ومن معنا أموره ميسّرة ومعاملاته تسير كالسهم” فيما من هم غير راضون من أهل البلدة عن عمل البلدية والسكان وهم الاكثرية من الجنوب وبيروت والشمال يتم التعامل معهم بشكل مغاير خصوصا لناحية القيمة التأجيرية للشقق والضرائب الاخرى .
ويقول أحد الاهالي أن التمايز واضح وعلى سبيل المثال لا الحصر : المنصورية تعاني من شح في المياه منذ سنوات والبلدية بديلا عن مطالبة الدولة بتنظيم مياه الشفة عمد أحد أعضاء البلدية الى شراء صهاريج للمياه لتوزيعها على الشقق بأسعار خيالية وهذا أمر يدّر مبالغ طائلة ما دام صهريج المياه الغير صالحة مياهه للشرب يباع بأكثر من سبعين دولار !! وكل شقة بحاجة لصهريج اسبوعيا مما يعني أن المواطن في المنصورية سيدفع ثمن المياه فقط حوالي مئتي دولار في الشهر !!! وكذلك “منظمة” الكهرباء التي تم إحتكارها من قبل مقرين من البلدية بحيث تبين أن كافة مولدات الكهرباء وهي بالعشرات يشرف عليها مقربون من رئيس البلدية ويفرضون أسعار هي الأغلى في لبنان … وهذا يعني أن إبن المنصورية يتوجب عليه حوالي مئة دولار شهريا للمولد الكهربائي إذا كان الاشتراك فقط 5 أمبير فيما من يشترك بنظام أعلى سوف يعمل فقط طوال الشهر للمياه والكهرباء !! أما أمر معيشته مع أولاده فهي مرفوعة لله !!
أما امر التخمينات للشق فهي خاضعة لمزاجية رئبس البلدية ومن يرسله للكشف وإذا تبين أن صاحب الشقة يقترع ضده فالاسعار ستكون حتما مضاعفة فيما المقربون تم عملية “تزبيط “للاسعار وفق قاعدة الولاء للبلدية ، وهذا أمر بات معروف سبيلا لتطويع الناخبين !! فكيف يدير رئيس البلدية أمور البلدة – المدينة التي تضم مساحات واسعة وشقق يقدر عديدها بحوالي 21 ألف شقة ما عدا المصانع في المكلس والديشونية والتي تدفع المليارات لصندوق البلدية سنويا !! فأين تذهب كل هذه الاموال وحال البلدة السياحية تحت الوسط إنمائيا ؟ ويجب على أعضاء البلدية والاهالي الذين يريدون مصلحة البلدة أن يكونوا يقظين لهذه الناحية .
في المنصورية ثلاثة مخاتير يتوزعون على المكلس والديشونية والبلدة وفيها حوالي 1200 ناخب وهذا يعني أن مساحة البلدة الكبيرة مع صغر سكانها الاصليين يفترض أن تكون هذه المالية كافية لتكون المنصورية عروسة المصايف مع العلم أن المداخيل السنوية هي بالمليارات ،فأين الطرقات المعبدة وإنارة الشوارع ؟ وما هو مصير المدرسة الرسمية الوحيدة في البلدة والتي ستقفل أبوابها العام القادم بفعل وجود خمسون تلميذا فقط ؟ وكيف تسمح البلدية بإقفال هذه المدرسة الوحيدة لصالح المعاهد الخاصة ؟ وهل جميع ساكني البلدة هم من الميسورين كي يرسلون أولادهم الى المدارس الخاصة ، ولماذا لا تراجع البلدية وزارة التربية لتأهيل المدرسة والاساتذة وتشجّع الاهالي والقاطنين فيها على تسجيل أولادهم فيها ؟
البلدية حوّلت المنصورية بلدة الصنوبر الى سوق تجارية محض أي الى “بيزنس” فقط ، فيما البلدة فيها الكثير من رجال العلم وأهل الفكر يعترضون على هذا المنحى التجاري الذي يمحو تاريخ المنصورية السياحي والاثري والادبي والفكري ، وصارت سوقا للنازحين السوريين الذين يعملون في كافة المهن الاعمارية فيما إبن البلدة يكتفي بالمشاهدة من بعيد … هذا الامور تفاقمت من خلالها البطالة بين أهل البلدة لصالح السوريين مع العلم أن كافة الابنية والشقق لديها “نواطير ” من التابعية السورية وهذا يتطلب الكثير من الوعي واليقظة كي لا تتكرر ماّسي كان من المفترض بالبلدية أن تضع يدها على هذا الملف .
وهناك أمر بالغ الاهمية في المنصورية لم تعطه البلدية اي إهتمام وهي مسألة المباني المتصدعة والتي سقط منها مؤخرا مبنى قضى على ساكنيه ، ويجب على البلدية وبسرعة القيام بمسح شامل لمثل هذه الابنية وتقديم الحلول كما حصل في طرابلس حيث عمدت البلدية الى ترميم مبنى كان اّيلا للسقوط .
لماذا الحديث عن المنصورية ؟ لأن كل ما فيها محسوبيات وأنانية ، أما الجواب لدى أهل البلدة الذين بات مستقبل بلدتهم على المحك خصوصا أنها كانت تشكل مصحا” لكافة مرضى الربو والجهاز التنفسي فباتت اليوم تختنق هي نفسها من تحويلها الى منطقة مكتظة وأبنيتها قائمة بشكل عشوائي ودون تنظيم مدني وتفعل الواسطة والعشوائية فعلها في إعطاء رخص البناء ، مع العلم أن لا شيء ينقص البلدية كي تعمل إن من حيث المداخيل أو وفرة الاموال إنما ينقصها إرادة وهمّة شبابية من الجيل الصاعد كي يأخذ بيده مستقبل البلدة من بلدية قائمة على الورق الى سلطة تنفيذية واعدة وبعيدة عن المصالح الذاتية والمنفعة الخاصة للنهوض بها لأن المنصورية تستأهل الافضل وفيها من الكفاءات والخبرات ما ينقذها من الإنزلاق نحو الأسوأ .