بينَ لبنان ومصر وكيان العدو، توزّعت الأنظار في اليومين الماضييْن لمراقبة المفاوضات المُضنية حول «هدنة رمضان» ومحاولة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين أن تشمل أي تهدئة الجبهة الجنوبية تمهيداً لاتفاق شامل مع لبنان، ورصد الموقف الإسرائيلي المتأرجِح بين الحل السياسي والتصعيد العسكري، الأمر الذي يجعل الجانب الأميركي حذراً من أن يتحول اليوم التالي في الجنوب إلى الفتيل الذي يفجّر المنطقة برمّتها. ومع أن وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت أبلغَ هوكشتين (خلال زيارة الأخير لتل أبيب) التزام إسرائيل بالجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لتجنّب التصعيد على الحدود مع لبنان، مؤكداً أن بلاده لا تسعى إلى الحرب، علمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية غربية أن «المسار السياسي غير كافٍ للاطمئنان، رغم إصرار الجانب الأميركي على صياغة الأحرف الأولى من الاتفاق بين بيروت وتل أبيب، والذي يتمحور حول تثبيت وقف إطلاق النار وبتّ الخلاف على النقاط المتنازع عليها وإيجاد صيغة لمزارع شبعا وكفرشوبا وصياغة حل مستدام يمنع الاصطدام الكبير»، كاشفة أن الدول الغربية «تبلّغت من إسرائيل أن الأخيرة حدّدت مهلة حتى 15 آذار الجاري موعداً للتوصل إلى تسوية سياسية مع لبنان، وإلا فإنها مستعدة لتصعيد العمليات العسكرية إلى حرب واسعة النطاق».
زادَ هذا الأمر من قلق الدول الغربية التي تعتبر أنه «ينبغي بذل كل الجهود لدعم المساعي المستمرة للولايات المتحدة وفرنسا لتنفيذ القرار 1701 والشروع في تسوية حدودية توفّر الأمن على المدى الطويل وتضمن عودة النازحين على طرفَي الحدود».
وينسحب هذا القلق أيضاً على الداخل اللبناني الذي انقسم في تحليله لوقائع زيارة هوكشتين الأخيرة. ففي مقابل إبداء البعض ارتياحاً للمسار الأميركي الذي يضغط لتجنب التصعيد، هناك رأي آخر لا يزال يبدي تخوفاً من احتمال تدهور الأوضاع ربطاً بما قاله الموفد الأميركي عن أن «هدنة غزة ليست بالضرورة أن تشمل لبنان».
أما التقديرات بشأن الزيارة فقد تقاطعت حول أن «التطورات كلها رهن ما سيحصل في غزة وما سيتم التوصل إليه في المفاوضات الجارية في القاهرة، لأن أي نقاش حول ترتيبات سياسية في لبنان وحلّ لوقف إطلاق النار لن يكون قابلاً للترجمة ما دامَ إطلاق النار مستمراً في القطاع».
وقد باتت هذه المعادلة قناعة عند الجانب الأميركي، بحسب ما نقل مسؤولون غربيون عن هوكشتين نفسه، وفق المصادر الدبلوماسية. وقالت المصادر إن «هوكشتين بات على قناعة بصعوبة وقف القتال في لبنان قبل توقفه في غزة، وهو مقتنع أيضاً بأن حزب الله لا يريد التصعيد»، مشيرة إلى أن «المبعوث الأميركي يعتبر أن الهدنة في غزة ستكون بمثابة ساعة الصفر التي تنطلق منها مسارات متوازية، أولها العمل على تسوية الخلاف على النقاط الحدودية مع لبنان، من دون أن يشمل الحل مزارع شبعا، بالتوازي مع انتشار قوات من الجيش اللبناني في الجنوب بموافقة الأطراف المعنية».
وتابعت المصادر أن «هناك قناعة أيضاً بأن فترة الـ 45 يوماً للهدنة ستكون فرصة لجمع المساعدات للجيش وحشد الموارد وتأمين المعدات اللوجستية المطلوبة وتأمين الأموال اللازمة».
أما في ما يتعلق بالمساعي الفرنسية، فتقول المصادر إن «الأوروبيين، وتحديداً البريطانيين، يعتبرون أن على فرنسا التنسيق مع الأميركيين بشأن الترتيبات السياسية، لأن الجانب الأميركي ينوي إطلاق المسار ساعة سريان الهدنة في غزة»، مشيرة إلى أن «عملية نشر أبراج المراقبة التي اقترح البريطانيون تشييدها على الحدود الجنوبية ستكون ضمن الإجراءات المتّخذة ويجري التنسيق بشأنها مع الجيش اللبناني والجانب الأميركي».