كل الوقائع الميدانية، من غزة الى جنوب لبنان مروراً بالضفة الغربية والمسجد الأقصى، تشي باستمرار حال الترقّب والخوف من اندلاع حرب شاملة على كافة المحاور التي تشهد توتراً أمنياً ليس مسبوقاً، لا سيما بعد تراجع حظوظ الهدنة والتلويح الإسرائيلي بعملية بريّة في جنوب لبنان.
مصادر مراقبة تخوّفت من استغلال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للوضع القائم بغياب الضغط الدولي والاستمرار بالحرب خصوصاً وانه الوحيد الذي يريد هذه الحرب التدميرية الواسعة، مستغربة اكتفاء الدول بالاتجاه لإنشاء ممر لإيصال المساعدات الى غزة، بعد مسرحية الاستعراض ورمي المساعدات فوق البحر.
وفي هذا السياق، كان لافتاً تصريح الرئيس وليد جنبلاط، الذي كتب عبر حسابه على منصة “اكس”: “الرئيس بايدن. لا شيء سيمنع المجاعة والموت لشعب غزة إذا كنت تؤخر وقف إطلاق النار الفوري. لا جدوى من ارتجال موانئ وهمية أو إسقاط حصص غذائية هزيلة وسط القصف المستمر لغزة”.
وفي ظل التهديدات باختراق إسرائيل للحدود اللبنانية في الجنوب، أشار النائب السابق عاصم عراجي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أنه لو كان موضوع التوغّل في جنوب لبنان على عاتق نتنياهو وحده لفعل ذلك قبل هذا التاريخ، لأنه منذ اندلاع المواجهات مع حزب الله كان يريد توسيع الحرب في الجنوب لتشمل كل لبنان لكنه اصطدم بالموقف الأميركي الرافض لهذه الحرب وهو ما زال مصمم على توريط الأميركيين فيها. وعلى الأرجح أنه مصمم على ذلك بعد الانتهاء من تحرير الرهائن لدى حماس مدعوماً بقراره هذا من قبل مجلس الحرب، الذي طالبه بتوسيع الحرب.
وأضاف عراجي: “كما أن أكثرية الشعب الاسرائيلي يريد الحرب مع لبنان بنسبة لا تقل عن 67 في المئة، فاذا ما شعر أن الانتخابات الأميركية بحاجه لدعم اللوبي اليهودي فلن يتردد باجتياح لبنان، فهو يضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية لأن هذه القرارات لا تطبق مع الأسف إلا على الشعوب الفقيرة”، متوقعاً المزيد من الجرائم التي قد يقترفها العدو الاسرائيلي خلال شهر رمضان أكان في رفح أو في الضفة الغربية والمسجد الاقصى أو في جنوب لبنان، لافتاً الى ان الوضع بشكل عام غير مطمئن لأنه في حال عدم التوصل إلى هدنة فكل الاحتمالات مفتوحة ولا أحد يمكنه أن يتنبأ ما يمكن أن يفعله نتنياهو فهو من مصلحته أن يفتح الحرب ويورّط لبنان لأن إطالة أمد الحرب يصب في مصلحته.
بدوره، اعتبر النائب السابق وهبي قاطيشا في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية أن قيام العدو الاسرائيلي باجتياح قسم من جنوب لبنان مسألة جديّة لأن تصعيد المواجهات في العلم العسكري يؤشر الى أن ثمة شيئاً ما يُحضر ضد القرى الحدودية التي أصبحت فارغة من سكانها.
وأضاف قاطيشا: “على الأرجح أن نتنياهو ينتظر تحرير الرهائن لدى حماس لانهاء ما أسماه بقصة شمال اسرائيل، فهو يريد من هذه الحرب التي بدأها القضاء على كل ما يشكل مصدر قلق لإسرائيل، وهو قادر على ذلك من خلال سلاح الطيران الحربي واعتماد سياسة الارض المحروقة لتنفيذ مخططاته كما فعل في غزة”.
وقال قاطيشا: “عندما تفرغ القرى من سكانها فلا أحد يقف بوجهه لأنه لا يريد العودة الى القرار 1701 وتهجير 200 نسمة من الجنوب وتفريغ القرى الحدودية من سكانها يشكل عامل ضغط على حزب الله”، سائلاً “هل يستطيع الحزب تحمّل كل ذلك في ظل مخاطر عدم عودة السكان الى قراهم؟”.
إذاً التهديدات الإسرائيلية ليست مجرّد تلويح بالتصعيد، ولا بد من التعامل معها بجديّة وانها قد تحصل في أي لحظة. فحالة الجنون الاسرائيلية لا تزال قائمة، وكل الاحتمالات قائمة.