يعيش الغزاويون النازحون وضعاً مأساوياً، وهم العالقون بين سندان الحرب المدمرة، التي تشنها اسرائيل منذ عملية طوفان الاقصى، ومطرقة الموت جوعاً بسبب الحصار المفروض عليهم وتأخر وصول المساعدات الغذائية والطبية، والتهديد المستمر من قبل اسرائيل باجتياح رفح التي تُعتبر آخر معاقلهم. وبالمقابل تستمر إسرائيل في اعتداءاتها على جنوب لبنان حيث أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على معظم القرى الحدودية المحاذية للخط الأزرق ابتداء من الناقورة في القطاع الغربي وصعوداً باتجاه قرى القطاعين الأوسط والشرقي. وقد تعامل حزب الله مع هذه الاعتداءات بالطرق المناسبة مسجّلاً في صفوف العدو ضربات مباشرة.
في هذا الوقت، وبالتوازي مع هذه الاعتداءات، سُجّل بالأمس تحرك جديد لسفراء اللجنة الخماسية باتجاه عين التينة واللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبعدها انتقل وفد الخماسية الى بكركي، حيث التقى الوفد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على أن يستأنف زياراته اليوم بلقاء كافة الكتل النيابية، وستكون له محطة عصر اليوم في كليمنصو حيث سيلتقي الرئيس وليد جنبلاط.
وعن الجديد في حراك “الخماسية” وإمكانية الوصول الى مخارج للأزمة الرئاسية، أشار النائب غسان سكاف في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية الى أن الخماسية تعمل هذه المرة على خارطة طريق وتريد أن تبحث مع الفرقاء السياسيين مبدأ الالتزام بها، وانها تأخذ الأمر بجدية هذه المرة، وعلى هذا الأساس قرّرت ان تلتقي كل القوى السياسية، معتبراً أن هذا التحرك يعكس الدفع باتجاه الخيار الثالث الذي يحظى بغالبية الكتل النيابية وأصبح مسلّماً به من اللجنة الخماسية وغالبية الدول الغربية والعربية، لافتاً الى مرونة ملحوظة لدى الثنائي الشيعي بعد ان كان متمسكاً بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لكنه لن يقنع الا برئيس يطمئن له بكل ما يحصل في الجنوب وعلى مختلف الجبهات العسكرية والسياسية.
وتمنى سكاف من الحراك الجديد للخماسية أن يكون أحد أهدافه إيقاظ بعض الضمائر الغافلة عن المسؤولية وتذكيرهم بواجباتهم، فالخماسية لا تريد أن تفرض على اللبنانيين رئيس جمهورية بالقوة، كاشفاً أن اللجنة الخماسية تتقاطع في مكان ما مع مبادرته وهي تحمل بعدين الأول داخلي والثاني خارجي لذا يجب اقتناص الفرص والترويج للإيجابيات.
وحول تداعيات الحرب على الاستحقاق، رأى سكاف أن هدنة غزة سترتد إيجاباً على الوضع في الجنوب وتزخم الملف الرئاسي، مشدداً على ضرورة تدخل الخارج للتسريع بانجاز الاستحقاق لأن تبريد الجبهة الجنوبية سيحتاج الى وقت لاعادة ترسيم ما تبقى من الحدود البرية وتطبيق القرار 1701. وذكّر بدعوته لتخفيض السقوف لأنها تساعد على فتح نافذة لحل هذا الملف من خلال مشاورات ثنائية وليس بحضور 86 نائباً كما جاء بمبادرة الاعتدال الوطني لأن بري لن يقبل بأن تكون جلسة الانتخاب إلا برئاسته، مذكراً بان المحادثات الثنائية هي التي اوصلت الى خيار الوزير السابق جهاد أزعور فالمشاورات الثنائية قد توصل الى توافق الى عدد من المرشحين وبالتنسيق مع الخماسية قد يتراجع العدد.
سكاف أشار إلى ان مبادرته تتقاطع مع الأفكار التي تنطلق منها اللجنة الخماسية وترتكز على النقاط الآتية: “لا رئيس للاكثرية المسيحية ولا رئيس من دونها، لا رئيس للثنائي الشيعي ولا رئيس من دونه، لا رئيس من دون مشاركة درزية وسنية والمستقلين ولا رئيس يفرض من اللجنة الخماسية ولا رئيس من دونها لأنها هي التي ستدعم نهوض الدولة وهي الشاهد والضامن المعنوي لانتخاب الرئيس وصعود الدخان الابيض”.
إذاً، حتى اللحظة لا حلول سحرية منجزة، وكل الاتصالات واللقاءات تأتي في سياق التمهيد ليس إلا لتسوية لم تولد بعد.