لا زال الوضع الميداني في الجنوب على حاله، لكن وتيرة القصف تراجعت نسبياً، وانحسر ميدان القصف في القرى الحدودية، بعدما كانت إسرائيل قد بدأت باستهداف العمق اللبناني خلال الشهر الماضي، من دون معرفة ما إذا كان ذلك بسبب تقدّم المساعي الدبلوماسية لوقف إطلاق النار.
في هذا السياق، قدّم الخبير العسكري العميد ناجي ملاعب موجزاً عن الوضع الميداني في الجنوب بعد مرور 166 يوماً من المواجهات العسكرية، فأشار إلى أن “حزب الله” لم يستخدم طوال هذه المدة من قوته سوى المدفعية المباشرة القريبة المدى، وما زال لديه احتياط كافٍ من الصواريخ لاستكمال أهدافه.
وقال ملاعب، في حديث لـ”الأنباء”: “حتى اليوم سُجّل نزوح 82 ألف نسمة من مستوطنات الشمال، ما يعني أن لدى إسرائيل مشكلة اقتصادية باعتبار الشمال منطقة سياحية، إضافة إلى أنها تحتوي على مخازن السلاح، فإذا اتسعت الحرب قد تتضرر هذه الشركات التي تصدر السلاح الى الخارج”.
وعن تراجع حدّة الاشتباك، قال ملاعب: “لم نعد نشهد توتيراً باتجاه بعلبك وصيدا والنبطية، ولعل اجتماعات الدوحة تمكّنت من الوصول الى هدنة في غزة ولبنان والتمكن من الوصول الى الحل الدبلوماسي”، مستبعداً قيام إسرائيل “بحرب شاملة، لأنها في النهاية سترضخ إلى حل دبلوماسي تقوده الولايات المتحدة عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين”، لكن ملاعب اعتبر في الوقت نفسه “أننا أمام معادلة جديدة، طالما أن إسرائيل تنعم بدعم أميركي غير مسبوق، وطالما أن الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن تقول إنّه لن يبقي إسرائيل تحت التهديد مستقبلاً، فذلك يعني أن إسرائيل قد يكون لديها النية لتنفيذ تهديدها في الشمال طالما انها تنعم بهذا الدعم”.
ورأى ملاعب أن “النية لإنهاء التهديد شمالاً موجودة لكن القدرات الحالية تجعلها غير مستعدة لذلك، وفي المقابل فإن حزب الله الذي رسم تدخله في الحرب بجبهة مساندة لا يريد التوسّع في المواجهات، لكن مشاغلته لإسرائيل أعطت النتائج المرجوة منها، علماً أنه لم يستخدم من قوته العسكرية سوى 10 في المئة”.
إذاً، فإن لبنان رهينة “الجنون” الإسرائيلي، والقرار بتوسيع الحرب مع “حزب الله” من عدمه، لكن لا بد من الإشارة إلى الجهود الدبلوماسية الجارية لتجنيب لبنان كأس غزّة، والأنظار تتجه إلى هذه المساعي ونتائجها، قبل صيف يتوقع أن يكون حاراً على المنطقة بشكل عام، لا لبنان فحسب.