مع تعليق اللجنة الخماسية حراكها على مستوى الرئاسة ولقاءاتها مع القوى السياسية، يبقى التصعيد سيّد الموقف على الجبهة الحدودية، كما في غزة، وذلك بعد فشل مجلس الأمن في فرض وقف فوري لإطلاق النار، إذ إنَّ ما عجزَ العدو عن اكتسابه بالقوة يحاول أخذه بحروب الاستنزاف ورصد أماكن المقاتلين واستهدافهم بالمسيّرات الذكية. أما في جنوب لبنان، فإنَّ سيناريو الاعتداءات يتكرر مع تدمير القرى الحدودية تدميراً كاملاً، بحيث أضحت بعض القرى الحدودية خاليةً من أهلها، وسط الدمار الهائل إثر الغارات المعادية.
وفي السياق، أشارت مصادر أمنية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن اسرائيل مصممة على إبعاد “حزب الله” إلى ما بعد الخط الأزرق، لافتةً إلى أنَّ “الحزب” باتَ على معرفة بالنوايا الإسرائيلية وهو ما بدا واضحاً من خلال استهدافه أماكن معينة في مستعمرات المطلة ومسكاف عام وغيرها من المستعمرات المقابلة، بالإضافة إلى العديد من المواقع العسكرية.
المصادر توقعت بقاء الوضع الأمني على حاله حتّى جلاء الموقف من المفاوضات التي تجري في الدوحة بين حماس وإسرائيل برعاية قطرية ومصرية تحت رعاية أميركية لتحقيق وقف لإطلاق النار، خاصةً بعد إخفاق مجلس الأمن في منع إسرائيل من أعمالها الإجرامية ضد الغزاويين.
أمّا في الشأن السياسي الداخلي، فقد لفت عضو كتلة تجدد النائب أديب عبد المسيح في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنَّ الملف الرئاسي رُحّل إلى ما بعد عيدي الفصح والفطر، معتبراً أنَّ “اللجنة الخماسية لمست أن أجواء التشنج ما تزال قائمة، إذ إنَّ لا تراجع لدى فريق الممانعة عن تمسكه بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الأمر الذي دفع بالمعارضة إلى التشدد في موقفها”.
واستغرب عبد المسيح عدم دعوة النواب لإنتخاب الرئيس طيلة الفترة الماضية، سائلاً “كيف يمكننا انتخاب رئيس للجمهورية ومجلس النواب مقفلاً؟”، ورأى أنَّ “مطبخ الرئاسة لدى فريق الممانعة ليس في لبنان إنما في إيران، لأنهم ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور بعد حرب غزة، وبذلك فإنَّ سياسة التصلب في المواقف التي يمارسها فريق الممانعة عطّلت مهمة اللجنة الخماسية، وهذا يشير بوضوح الى عدم استعدادهم لانتخاب رئيس جمهورية في الوقت الحاضر”.
واعتبر عبد المسيح أنَّ “المطلوب بعد كل ما يحصل اليوم أن يكون هناك تحرّك عملي على الأرض، خاصةً بعد إجهاض مبادرة كتلة الاعتدال الوطني”، مشيراً إلى أنه رغم رفضه للحديث الطائفي باعتباره من دعاة الدولة المدنية “بدأ يلمس أن الموقع الأول للمسيحيين تحوّل إلى مكسر عصا”.
في الشأن الأمني، استبعد عبد المسيح توسيع الحرب وتحويلها إلى حرب شاملة، “لأن إسرائيل تصبح بمواجهة بيئة حزب الله ليس فقط بلبنان بل في سوريا والعراق وصولاً إلى ايران، وهي تعي أنَّ “الحزب” عزز حضوره العسكري في سوريا منذ العام 2011، وبذلك فإن مواجهته لن تكون بالأمر السهل”، معتبراً أنَّ “إسرائيل تحاول من جهة ثانية الحصول على مكاسب في غزة ولبنان من دون حرب، وأن “الحزب” يخوض حرب مناوشات مؤكداً وجوده، وبالتالي في ظلّ حراك للخماسية وزيارات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان وإسرائيل فإنَّ فتيل الحرب لن ينفجر”.
وعليه، فإنَّ لبنان في مرمى نيران الحرب رغم كلّ الجهود والمساعي لتجنيبه حرباً شاملة ومدمرة، خشيةً من أن يلقى مصير غزة خاصةً مع انزلاق الأمور نحو الأسوأ في ظلّ التطورات الأخيرة التي فرضت نفسها وألقت بتداعياتها على كاهل المواطن والبلد.