دعا وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء المجالس البلدية والاختيارية، بدءاً من 12 أيار المقبل، في وقت يبدو فيه الاتجاه واضحاً لدى عدد من القوى السياسية نحو تأجيل الاستحقاق للسنة الثالثة على التوالي.
وأعلنت وزارة الداخلية أن مولوي وقّع قرار دعوة الهيئات الانتخابية البلدية في دوائر محافظة جبل لبنان، لانتخاب أعضاء المجالس البلدية وتحديد عدد الأعضاء لكل منها، ولانتخاب مختارين ومجالس اختيارية وتحديد عدد المختارين والأعضاء وذلك بتاريخ 12 أيار 2024.
وتأتي خطة مولوي كإجراء قانوني قبل شهر على الأقل من موعد الانتخابات، لكن لا يعني أن الانتخابات حاصلة، بحيث إن الأمر نفسه كان قد حصل العام الماضي، حين تم التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بقانون في البرلمان بعدما كان وزير الداخلية قد قام بالخطوة نفسها.
وكان البرلمان قد عمد إلى تأجيل الانتخابات البلدية في عام 2022، لمصادفة توقيتها مع موعد الانتخابات النيابية، ومن ثم في عام 2023، لعدم توفّر الاعتمادات اللازمة وعدم جاهزية القوى الأمنية اقتصادياً ولوجيستياً، أما اليوم فيتم العمل على تقديم اقتراح قانون للتمديد للمجالس البلدية لأسباب مرتبطة بالحرب في جنوب لبنان، حيث يتعذّر إنجاز الانتخابات، وهو الخيار الذي تدعمه كتل عدّة؛ أبرزها «التنمية والتحرير» و«حزب الله» والحزب «التقدمي الاشتراكي» و«التيار الوطني الحر» الذي كان قد شارك في جلسة التمديد العام الماضي، وأعلن رئيسه النائب جبران باسيل أن المشاركة كانت لمنع الفراغ.
ومن المرجّح أن يتكرر السيناريو نفسه هذا العام، مع تأمين النصاب وميثاقية الجلسة من قبل الثنائي الشيعي و«الاشتراكي» و«التيار»، في وقت ترفض فيه المعارضة، لا سيما حزبي «الكتائب اللبنانية» و«القوات اللبنانية» التأجيل، مطالبة بإجراء الانتخابات مع استثناء محافظتي الجنوب والبقاع وبعض المناطق الخطرة.
وتلفت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير»، إلى أن الحسم في هذا الموضوع سيكون بعد عطلة عيد الفطر، حيث سيدعو رئيس البرلمان إلى جلسة تشريعية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «الظروف غير طبيعية لإنجاز الاستحقاق»، داعية الجميع إلى مقاربة الموضوع بواقعية وموضوعية ووطنية بعيداً عن المواقف الشعبوية، وتقر بأن هناك مصلحة للجميع لتأجيل الانتخابات النيابية، في إشارة إلى الأوضاع السياسية في البلاد.
ويدعم الحزب «التقدمي الاشتراكي» تأجيل الانتخابات، شرط أن يكون محدداً بعودة الهدوء إلى الجبهة الجنوبية، وفق ما يؤكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، لا سيما أن وزير الداخلية يقول إنه جاهز لإنجازها، والحكومة كانت قد رصدت المبلغ المطلوب لها. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في هذا الاستحقاق، تختلط الشعبوية بالواقعية، بحيث إن الجميع مقتنع بضرورة إجراء الانتخابات البلدية، لكن الواقعية تقتضي الوعي للواقع الأمني الذي يحول دون قدرة عدد كبير من اللبنانيين على المشاركة في الانتخابات». ويرفض عبد الله في المقابل، تقسيم لبنان عبر إنجاز الانتخابات في مناطق دون سواها، ويقول: «إما انتخابات في كل لبنان أو تأجيلها في كل لبنان».
وكان «تحالف الإصلاح الانتخابي»، وهو تجمع يضم عدداً من الجمعيات المحلية، قد حذر من تأجيل الاستحقاق، مشيراً إلى أنه قد بدأ الإعداد لمشروع التمديد.
وقال في بيان: «إذا كانت الحكومة والمجلس النيابي قد تذرعا في عامي 2022 و2023 بأسباب غير مقنعة لتبرير التمديد، على غرار عدم الجهوزية اللوجيستية والظروف الاقتصادية والفراغ الرئاسي، تضاف اليوم حجة الظروف الأمنية الناتجة عن القصف الإسرائيلي على مناطق لبنانية عدة، لا سيما جنوب لبنان كما ورد في تصريحات عديدة لمسؤولين سياسيين».
وبينما عبّر التحالف عن تضامنه مع سكان جنوب لبنان والمناطق التي يستهدفها القصف الإسرائيلي، شدد على أن الحل ليس بالتمديد، عادّاً «الوضع الناشئ عن القصف الإسرائيلي ينبغي أن يكون حافزاً لإجراء الانتخابات بالنظر إلى الدور الذي يجب أن تؤديه البلديات في التصدي للأزمات المتفاقمة».
وذكّر بأن هناك «نحو 134 بلدية من أصل نحو 1064 هي في حكم المنحلة اليوم، وهو رقم مرشح للارتفاع في حال التمديد مجدداً للمجالس البلدية»، وأضاف: «وإذا كان تبرير سيناريو تأجيل الانتخابات مبنياً على رفض تعريض المواطنين الجنوبيين للخطر في ظل الأوضاع الراهنة»، فإن «تحالف الإصلاح الانتخابي» يؤكد وجود بدائل وخيارات يمكن للسلطة اللجوء إليها، بدلاً من التمديد، ومنها «العمل على إدخال مشروع إنشاء (الميغاسنتر) حيز التنفيذ»، من خلال إنشاء مراكز اقتراع كبرى ليتمكن النازحون من التصويت خارج الجنوب. أما إذا تعذر ذلك فباستطاعة الحكومة تأجيل الانتخابات في مناطق محددة، باعتبار أن إجراء الانتخابات البلدية في مراحل مختلفة ممكن، لأن البلديات ليست هيئة موحدة كمجلس النواب، وبالتالي يمكن إجراء الانتخابات في المناطق الآمنة وتأجيلها في المناطق التي تعد أقل أماناً.