يترقب لبنان تداعيات ما بعد الضربة الإيرانية لإسرائيل، وتلقى جانباً من شظايا المسيرات والصواريخ الاعتراضية في أجواء مختلفة من مناطقه، لكن «حزب الله» لم ينخرط بشكل مباشر، وأبقى عملياته في خانتها المعتادة على قاعدة الرد والرد المضاد. ولكن ما يدور في لبنان تساؤلات كثيرة حول اليوم التالي لما بعد الضربة الإيرانية، وما ستقرره حكومة بنيامين نتنياهو، الذي يسعى منذ اليوم الأول الى توسيع الصراع واستدراج الأميركيين إليه. رمت طهران الكرة في ملعب إسرائيل، لكن تبقى الخشية في لبنان أن يتحول هو إلى الملعب.
وفق المعلومات الدبلوماسية في بيروت فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تضغط على نتنياهو لعدم الرد بشكل مباشر على إيران، وذلك لتجنب حرب إقليمية. فيما نتنياهو يصر على استمرار عملياته، وعلى تغيير وجهة النظر الأميركية تجاه طهران بوصفها تهديداً جدياً للمشروع الغربي، ولا يمكن الاستناد إلى اتفاقات أو تفاهمات معها، هي حرب يأخذ لها نتنياهو أبعاداً كثيرة تتصل بالاصطفاف الغربي والذي نجح في استعادته بمجرد شن إيران هجومها على إسرائيل واستدعاء كل المساعدة العسكرية من دول غربية متعددة وخصوصاً أميركا، وفرنسا، وبريطانيا. مصلحة نتنياهو تتجلى في إطالة أمد الحرب واستمرارها وتوسيعها.
وبحال نجح الضغط الأميركي في منعه من الرد على إيران بشكل مباشر، فهو سينتزع دعماً جديداً للمضي بعدوانه على غزة، وتحديداً لخوض معركة رفح، وبعدها الانتقال الى الجبهة مع لبنان، خصوصاً أن هناك مسؤولين دبلوماسيين يؤكدون صعوبة الوصول إلى تفاهمات دبلوماسية لمعالجة الوضع القائم على الحدود الجنوبية للبنان من عملية طوفان الأقصى. هناك قناعة دبلوماسية غربية بأن نتنياهو سيكون مصراً على توسيع عملياته العسكرية في لبنان ضد حزب الله، وهو بالفعل بدأ توسيعها تدريجياً من خلال الضربات التي يوجهها.
وكان لافتاً أنه بالتزامن مع استعداد إسرائيل للتصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، كانت الطائرات الحربية تكثف من غاراتها على جنوب لبنان وعلى البقاع أيضاً، وكانت رسائل إسرائيل واضحة حول الاستعداد للمضي قدماً ضد «حزب الله»، الذي كان على جاهزية عالية تحسباً لأي تطورات، وانتقل من مرحلة لأخرى على مستوى الجاهزية بانتظار ما سيقرره الإسرائيليون في الأيام المقبلة.
وتقول مصارد دبلوماسية إن المخاوف تتفاقم من تصعيد إسرائيلي، وسط معطيات خارجية تفيد بأن الحل الدبلوماسي متعثر وغير قابل للتطبيق، وأن توسيع المواجهة أصبح حتمياً، والمسألة مرتبطة بالتوقيت، خصوصاً أن إسرائيل تسعى لتغيير القواعد العسكرية وتعديل موازين القوى بشكل تعتبر نفسها قد حققت إنجازاً بألا تسمح لحزب الله بمهاجمتها لاحقاً، وإلى جانب كل التسريبات الإسرائيلية التي ركزت على أوضاع الجبهة ومقاربتها فهناك تركيز جديد حالياً يتعلق بأنفاق الحزب في الجنوب، ويسوق الإسرائيليون للانتقال لمرحلة جديدة من تفجيرها أو تعطيلها، وهذا أمر لا يبدو أنه ممكن بالطائرات، من هنا يبرز التخوف من تفكير الإسرائيليين بالقيام بعمليات برية.