يكرّس استهداف إسرائيل للبقاع الشمالي المعادلة التي أرستها، والقائمة على ضرب أهدافٍ ضمن البلدات البقاعية والتوغّل فيها أكثر، بالتزامن مع توسّع ضربات «حزب الله» وإستهدافه المستوطنات الإسرائيلية، لتأتي الضربة على بلدة النبي شيت أمس إثر مساندة «الحزب» للردّ الإيراني، تأكيداً للمؤكد.
أكثر من عشر غارات إسرائيلية متنقّلة نُفّذت على إمتداد بعلبك الهرمل، منذ دخول «حزب الله» على خط معركة «طوفان الأقصى» ومساندة حركة «حماس»، وبعدما أصبحت المنطقة تحت مرمى الطيران الحربي والمسيّرات الإسرائيلية.
وبينما تحرّك هاجس الخوف من تلك الغارات والذعر من الجنون الإسرائيلي، صار المشهد أمام البقاعيين شبه عادي، حيث أصبحت الصورة واضحة للجميع، مدنيين وحزبيين، أنّ هذه الغارات محدّدة وأهدافها لا تتضمّن إحداث دمارٍ أو سقوط ضحايا بشرية. كذلك الأمر، يستبق المعنيون الغارات بإخلاء المراكز والمواقع المستهدفة. وبحسب مصادر محلية، فإنّ الإخلاء يأتي بعد رصد حركة طيران الإستطلاع والأماكن التي تحدّدها لضربها لاحقاً، وعليه فإنّ النتائج تأتي دائماً بأقل الأضرار الممكنة بشرياً ومادياً، ما خلا منها بعض الأماكن التي توجد فيها أسلحة قديمة خرجت عن نطاق الخدمة الفعلية، بعد دخول نوعيات جديدة على خط المواجهة مع إسرائيل، وهو ما يحدث أصواتاً تشبه المفرقعات بعد الغارة، كما حصل خلال الإستهداف الذي طال جرود بلدة جنتا البقاعية قبل العيد بأيام، وهي المنطقة التي تسمّى مركز الإنطلاقة الأولى.
غارة واحدة طالت مدينة بعلبك طوال المرحلة الماضية، واستهدفت مبنى سكنياً خالياً في بلدة العسيرة، لتتوزّع باقي الضربات على بلدات: النبي شيت، سرعين، الأنصار، عدوس، حوش تل صفية، بوداي، والواقعة جميعها ضمن قضاء بعلبك، إضافةً إلى الغارة بين بلدتي الفاكهة ورأس بعلبك، ولم تكن جميعها ذات إيلامٍ لـ»حزب الله»، كما حصل صباح أمس، حيث إستهدفت الغارة في بلدة النبي شيت منزلاً غير مأهول فدمّرته من دون تسجيل أي إصابات، كون «الحزب» كان قد أخذ كل إحتياطاته تحسّباً، في وقتٍ تحمل هذه الغارات الكثير من الرسائل، ولا سيما أنّ البقاع الشمالي يُعدّ الخزان البشري لـ»حزب الله»، وصلة الوصل التي تربطه بسوريا، حيث الممرّات التي يعتمد عليها في إمرار ما يحتاج اليه. كذلك بدت لافتة الأماكن المستهدفة وقد كانت خالية، ناهيك عن أنّ حصيلة جميع الغارات لم تتعدّ 5 قتلى وعدداً من الجرحى. لكن الرسالة الأكثر وضوحاً هي ما تحاول إسرائيل إيصالها الى»حزب الله»، ومفادها أنّ التعمق في ضرب المستوطنات الإسرائيلية وإسقاط المسيّرات سينقلب توسّعاً في إستهداف البقاع، وإن كانت الغارات لا تزال ضمن قواعد الإشتباك، فإنّ الإنجرار إلى منزلقات أكثر توسّعاً في إسرائيل، سيكون ردّها مضاعفاً، وستكون الأهداف المستهدفة أكثر دقّة، كما يرى بعض المواكبين، وكون طائرات الإستطلاع لا تغادر سماء المنطقة وأصبحت بحكم المكشوفة.