على رغم تكثيف سفراء اللجنة الخماسية لحركتها تجاه الكتل النيابية وطرح أفكار ومعلومات حول مخاطر تأخير انتخاب رئيس للجمهورية، وجمع أجوبة عن أسئلة الورقة الفرنسية حول مواصفات الرئيس العتيد وبرنامجه، إلّا أن العقبات ما زالت قائمة نتيجة تمسّك بعض القوى السياسية بشكليات آلية عقد جلسة التشاور النيابية أو الحوار المفترض. وهو ما أثار استياء اللجنة من دون الاعلان عن ذلك مباشرة لكن تلميحاً في تصريحات السفراء.
بحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر متابعة عن قرب لعمل اللجنة، فإن السفراء كانوا بوضع المستمع الى اقتراحات الكتل وردودها على ورقة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، التي ركزت على معرفة موقف الكتل من مواصفات الرئيس المقبل للجمهورية وبرنامجه وسبل الخروج من أزمة الشغور الرئاسي وموضوع الحوار.
وأكدت المصادر ان موضوع التفاصيل المتعلقة بالحوار ما زال هو العقدة امام تحقيق اللجنة اي تقدّم فعلي. إذ لا زال الخلاف قائماً حول من يدعو الى الحوار او التشاور وكيف ستوجه الدعوة، ومن يترأسه وهل ان الرئيس نبيه بري هو طرف ام وسيط وحَكَم. وكم هي مدة الحوار، وكيف سيجري التصويت؟… الى جانب تفاصيل تقنية اخرى.
وكشفت المصادر انّ المجتمع الدولي بما فيه دول اللجنة الخماسية لن يتدخل في هذه التفاصيل التي يقع التفاهم حولها على عاتق اللبنانيين، لكن الدول «لم تتفهّم ولم تتقبّل رفض القوى اللبنانية لفكرة الحوار، وتعتبر ان طرح الخلاف حول هذه التفاصيل هو حجّة لرفض الحوار وبالتالي التهرب من مسؤولية إجراء الاستحقاق الرئاسي، وهو استحقاق وطني دستوري قبل ان يكون استحقاقاً سياسياً داخلياً». وقد عبّر السفير المصري علاء موسى أمس عن هذا الموقف بقوله: «ان المشاورات ضرورية بين الكتل السياسية». كما سبق وعبّر عن ذلك السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو.
وأشارت المصادر الى أجواء قاتمة تبلّغها بعض النواب المستقلّين العاملين على خط الاستحقاق الرئاسي، مفادها ان المجتمع الدولي مَلّ من حالة الاستعصاء اللبناني الداخلي ومن تبادل إلقاء المسؤوليات عن التعطيل بين القوى السياسية، وهو اقتربَ مِن سحب يده من هذا الملف لكن تطورات المنطقة المُلتهبة تدفعه الى مزيد من الصبر والتروي، انطلاقاً من محاولة تهدئة التوترات العسكرية في المنطقة ومنها لبنان. لذلك تسعى الدول المعنية الى فصل أزمة الرئاسة عن المواجهات في جبهة الجنوب اذا أمكنها ذلك.
ويحذّر هؤلاء النواب الى جانب تحذير المصادر ذاتها، من ان المجتمع الدولي بما فيه دول الخماسية لن يمهل المسؤولين والسياسيين اللبنانيين مزيداً من الوقت لحسم خياراتهم وعقد جلسة انتخابية، وتحدثوا عن تاريخ معيّن لإنجاز مهمتهم تحت طائلة سحب اليد من كل الملف اللبناني وتَرك اللبنانيين «يقتلعون أشواكهم بأيديهم». مشيرة الى ان الادارة الاميركية ستنشغل بعد شهر حزيران المقبل بالإنتخابات الرئاسية ولن تكون متفرغة لمشكلات لبنان الداخلية.
وتساءلت المصادر: ماذا سيتغير خلال التشاور او الحوار مهما كانت التفاصيل التي توضَع له حول آلية وشكل هذا التشاور او الحوار، طالما ان مواقف القوى السياسية على حالها حول المرشحين للرئاسة، وحول الضمانات المطلوبة منه والشروط التي يطلبها الاطراف كلّ بحسب حساباته الداخلية والاقليمية؟ معتبرة ان هذه التفاصيل «تافهة وشكلية» نسبةً الى حجم الموضوع وخطورته، وأثبتت انّ القيادات اللبنانية ما زالت تتكِل على الخارج لحل مشكلاتها بينما يُفترض انها مسؤولة عن استقرار البلد وسلامته ونهوضه!.
وأوضحت المصادر المتابعة لعمل اللجنة الخماسية انّ بعض القوى السياسية اللبنانية كانت تأخذ على الاميركيين والسعوديين قبل حراك اللجنة انهم غير مهتمّين بالوضع اللبناني، وانهم منشغلون بأمور أهم واكبر على المستوى الدولي والاقليمي. لكن بعد فترة وضعت واشنطن والرياض ثقلهما لمعالجة الخلل البنيوي في التركيبة اللبنانية عبر محاولة اعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة قادرة على استنهاض البلد من أزماته، فماذا كانت النتيجة؟ الجواب: المزيد من تضييع الوقت وفرض الشروط… فإلى متى هذا الاستخفاف باستحقاقٍ وطني مهم والتهرب من تحمّل المسؤوليات الوطنية والدستورية؟