بعد نجاح واشنطن في إدارة الجولة الأولى من المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران بأقل خسائر ممكنة، كشف مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن الولايات المتحدة وإيران عقدتا الأربعاء الماضي جولة جديدة من الاجتماعات الأمنية غير المباشرة في إحدى الدول الخليجية، ناقشتا خلالها سبل خفض التصعيد الإقليمي، وإمكانية أن تدعم طهران التهدئة في غزة، مقابل إحياء الاتفاق غير المكتوب الذي تم التوصل إليه سابقاً بين طهران وواشنطن حول الاتفاق النووي.
وقال المصدر لـ”الجريدة” الكويتية إن اجتماع الأربعاء خُصص لتقديم كل طرف مطالبه ولم يتمخض عن أي نتيجة، على أن يدرس كل جانب مطالب الآخر ويرد عليها في اجتماع آخر يُعقد في مكان يتم الاتفاق عليه لاحقاً، بعد أن أجمع الطرفان على ضرورة عدم حصر اجتماعاتهما في دولة واحدة.
وأوضح أن الجانب الأميركي اقترح على الوفد الإيراني المشارك، العودة إلى الاتفاق السابق الذي تم التوصل إليه في سلطنة عُمان، والقاضي بتنفيذ بنود الاتفاق النووي دون إعلان العودة إليه، أي أن تلتزم طهران بوقف تخصيب اليورانيوم بنسب أعلى من 3.67 في المئة وتتقيد بالحدود المرسومة في اتفاق عام 2015، مقابل أن تعلق واشنطن تنفيذ بعض العقوبات على إيران دون أي إعلان رسمي، وخلال هذه الفترة يسعى الطرفان إلى بناء جو من الثقة المتبادلة تمهيداً للعودة الرسمية لاتفاق 2015.
وأشار إلى أن الجانب الأميركي طالب طهران بالضغط على حلفائها لوقف التصعيد خصوصاً في البحر الأحمر، وأن تدعم الصيغة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، ومشروع التهدئة بين إسرائيل و«حزب الله» في جنوب لبنان.
وذكر أن الوفد الأميركي حث إيران على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفتح الباب لقيامها بتفتيش شامل على المنشآت النووية الإيرانية قبل المضي في أي اتفاق بين الجانبين، للتأكد من نسب اليورانيوم وحجمه والماء الثقيل الذي خزنته إيران خلال انشغال العالم بحرب غزة. وبين أن الأميركيين أكدوا أن العودة الرسمية للاتفاق النووي يجب أن تترافق مع مفاوضات حول أنشطة إيران الإقليمية، وبرنامجها الصاروخي، وتزويدها روسيا بالمسيّرات والصواريخ.
وقال إن الوفد الإيراني أوضح أنه لخفض التصعيد في المنطقة لابد من أن تُنهي واشنطن دعمها غير المحدود لإسرائيل، وأن تبدأ باتخاذ خطوات للجم تل أبيب، مضيفاً أن الإيرانيين أكدوا دعم أي تسوية لوقف الحرب في غزة، أو أي اتفاق أو مسار لحل القضية الفلسطينية «تنال موافقة الشعب الفلسطيني»، وكذلك بالنسبة إلى جنوب لبنان.
ولفت إلى أن الوفد حذر أنه إذا حاولت إسرائيل اجتياح جنوب لبنان فإن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي وستفعل كل ما بوسعها لإفشال الهجوم الإسرائيلي، ويجب على الأميركيين والإسرائيليين أن يعلموا أن قضية جنوب لبنان، حيث يتمركز «حزب الله» الحليف الأساسي لطهران، مختلفة كلياً عن مسألة غزة التي تحكمها حركة حماس.