يلتقي النواب اليوم في جلسة عامة لم تشهد حضورا بهذا القدر منذ سنوات، على إيقاع ملف النزوح السوري والهبة الأوروبية، حيث الحلفاء والخصوم قاسمهم المشترك ثابتة واحدة وهي ضرورة الإسراع في معالجة هذا الملف بشكل جذري وان بوجهات نظر مختلفة، وإبلاغ من يعنيهم الأمر في المجتمع الدولي بأن لبنان ومهما مّر بأزمات لن يتحوّل الى متسوّل على رصيف أي دولة من الدول، ولن تكون أي مساعدة يمكن قبولها على حساب سيادة وقرار الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على الإطلاق.
لا شك ان قبة البرلمان اليوم ستكون مسرحاً للمزايدات النيابية حول ملف هو من أكثر الملفات تعقيدا على المستويين الداخلي والخارجي، وقطعاً للطريق أمام امكانية تحوّل الجلسة الى حفل «زجل سياسي» وتناتش بين القوى السياسية نشطت الاتصالات واللقاءات عشية انعقاد الجلسة وقد كلف الرئيس نبيه بري مساعده النائب علي حسن خليل القيام بمروحه اتصالات ومشاورات هدفت الى دوزنة المواقف بشكل تأتي مضبوطة الإيقاع داخل القاعة العامة بشكل توصل الى الهدف المطلوب أي بتوافق نيابي وسياسي يستطيع لبنان من خلاله مواجهة المجتمع الدولي الذي يعمل بشتى الطرق ان عن طريق المغريات أو التهديدات لإبقاء النازحين في لبنان والحؤول دون تسرّب أعداد منهم الى دول أوروبية.
وإذا كان هناك إجماع على ضرورة تفكيك “القنبلة الموقوتة” التي اسمها النزوح غير ان هناك مشكله تتعلق بطرق المعالجة، وهذا ما حمل الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الى عقد لقاءات ومشاورات كل في موقعه لاحتواء ما يمكن احتوائه لكي تكون الجلسة منتجة ولا سيما نحن على مسافة ساعات من مؤتمر بروكسل حيث سيكون ملف النزوح في صلب النقاش وان رئيس حكومة تصريف الأعمال كلف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أن يحمل الى هذا المؤتمر الموقف اللبناني الموحّد من ملف النازحين منعا من أن تستغل أي ثغرة وتأتي في غير المصلحة اللبنانية.
وكما بات معلومًا فإنّ رئيس الحكومة أعدّ العدّة للمواجهة اليوم وهو عكف على إعداد خطاب شامل يقارب كل النقاط الخلافية وتلك المواقف التي أعربت عن هواجس فيما خص “هبة المليار يورو” حيث ذهب البعض الى وصفها بالرشوة وهو ما أزعج الرئيس ميقاتي الذي سيعكس هذا الانزعاج في مفردات الخطاب الذي سيلقيه من على منبر المجلس.
وإذا كان الرئيس ميقاتي سيفرغ ما في صدره من ألم نتيجة الاتهامات التي وجّهت إليه فور مغادرة الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية لبنان، فان هناك من سيطرح حلّا يتم التوافق عليه من خلال خروج المجلس بتوصية ترفع الى الحكومة ومن ثوابتها الإسراع في معالجة ملف النزوح الذي بات يشكّل خطرا كبيرا على الواقع اللبناني، مع تضمين هذه التوصية عدة بنود ستطالب الحكومة العمل عليها وصولا للحل المنشود.
غير ان مسألة التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية للتنسيق في هذا المجال ربما يحصل عليه نقاش عالي النبرة كون ان هناك أفرقاء في لبنان لا يحبذون التواصل مع النظام السوري، في حين ان فرقاء آخرين يرون ان لا جدوى في البحث عن أي حل للنزوح بمعزل عن هذا التواصل، وما دام كل العرب في رأيهم أصبحوا في سوريا فلماذا لبنان سيبقى يغرّد خارج السرب العربي، اللهم إلّا إذا كانت هناك بعض الدول من يضغط لإبقاء خطوط التواصل مقطوعة لغايات لا تصب لا في مصلحة لبنان ولا في مصلحة سوريا على الاطلاق.
وترى مصادر نيابية أنّ معالجة النزوح السوري يحتاج إلى كثير من المناخات السياسية ما تزال غير متوافر، إضافة الى المسائل الأمنية والمالية والتي يصعب توافرها في ضل الحصار المفروض على سوريا، ومن هنا فإنّ الجلسة مهمة لناحية الاهتمام اللبناني الجامع لمعالجة هذا الملف، لكن لن يكون في مقدور المجلس والحكومة وضع الحلول لأنّ ملف النزوح مرتبط بأوضاع اقليمية ودولية معقّدة يصعب حلّها ما لم يكن هناك تسوية شاملة لأزمات المنطقة من ألفها الى يائها.
وأثنت المصادر على اللقاء التشاوري الذي انعقد في مجلس النواب عشية الجلسة وجرى نقاش مستفيض حول ملف النزوح والهبة الأوروبية، ووضع تصوّر موحّد لإطار مسودة القرار أو التوصية التي ستصدر اليوم عن الجلسة.