لعل الخبر الأبرز في زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت يومي الثلاثاء والأربعاء، عدم حصول لقاء يجمعه مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لارتباط الأخير بسفر إلى الخارج. لا خلفية معلنة لعدم انعقاد اللقاء «الا الغياب بداعي السفر»، كما علمت «الأنباء» الكويتية من مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر».
للوهلة الأولى، قد يفسر البعض عدم حصول اللقاء برغبة باسيل في عدم استقبال لو دريان، ردا على تصرف الأخير في اللقاء القصير الذي لم يصل إلى الدقيقة العاشرة في منزل باسيل بالبياضة، يوم رفض رئيس «التيار» عرض المبعوث الفرنسي بتمديد خدمة قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون سنة إضافية، لاقتراب بلوغه وقتذاك سن التقاعد (قبل ان يتم التمديد لاحقا بمرسوم صدر عن الهيئة العامة للمجلس النيابي).
وقد يفسر آخرون عدم حصول اللقاء، برد مسبق من باسيل على عرض محتمل من لودريان بالدعوة إلى لقاء تشاوري في العاصمة الفرنسية باريس. لقاء يدرك باسيل انه قد يصب في مصلحة قائد الجيش كمرشح لرئاسة الجمهورية بدفع خارجي، كما حصل في لقاءات الدوحة عام 2008، التي انتهت بانتخاب قائد الجيش وقتذاك العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
مما سبق، يبدو واضحا ان حسم هوية المرشح لرئاسة الجمهورية على الأرض اللبنانية، لن يتضمن من أشهر باسيل «فيتو» في وجههما: رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش. في أي حال، ينتظر اللبنانيون زيارة لودريان، ويعولون على تمكن الرئيس السابق للديبلوماسية الفرنسية من إحداث خرق في الملف الرئاسي، المتعذر إنجازه من 31 أكتوبر 2022. كما يتطلعون إلى مؤتمر بروكسل الثامن الخاص باللاجئين السوريين، والذي ينعقد في العاصمة البلجيكية، على وقع اعتراضات ميدانية هناك دعا اليها كل من حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، مع الأمل باتخاذ خطوات تبعد شبح توطين النازحين الذي يخشاه جميع اللبنانيين. ويشارك لبنان الرسمي في اجتماع بروكسل متسلحا بموقف حازم وجامع.
ويرى كثيرون ان الاجتماع ليس الأول وهو دوري يعقد للمرة الثامنة، وان الاتحاد الأوروبي على مواقفه برفض عودة النازحين قبل ضمان ثباتهم في سورية.
وطالما أن الخشية لاتزال قائمة بأن وجهتهم ستكون إلى أوروبا في حال مغادرتهم لبنان، يستمر الأوروبيون عبر مفوضية اللاجئين منذ أعوام باتباع سياسة العصا والجزرة تجاه لبنان، لضمان بقاء النازحين فيه.
وللغاية يقدمون مساعدات مالية توازي الجزء اليسير من كلفتهم على الخزينة في البلدان الأوروبية من جهة، ويمارسون ضغوطا سياسية على كثير من المسؤولين اللبنانيين من جهة ثانية، بهدف اتخاذ إجراءات بحرية من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية لمنع تحرك مراكب الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا. وقال مصدر مطلع لـ«الأنباء»: «اذا كان الاتحاد الأوروبي يستفيد من الانقسام اللبناني حول ملف النزوح ويغذيه من خلال بعض جمعيات المجتمع المدني الممولة أوروبيا، فإن هذه الورقة قد سقطت قبل جلسة التوصية النيابية وبعدها، وان الموقف اللبناني اصبح موحدا في هذا الإطار وإن اختلفت الآليات».
وتابع المصدر: «لم تعد المساعدات الأوروبية تشكل إغراء لأحد. كذلك فإن ممارسة الضغوط على بعض السياسيين لم تعد مجدية كما في السابق».
ورأى «ان لبنان قد استبق انعقاد الاجتماع بالتلويح بأن عدم استعداد الاتحاد الأوروبي لمعالجة الأمر، سيدفعه إلى التحرك منفردا، والقيام بالإجراءات التي يراها مناسبة». ولم يستبعد المصدر لجوء الاتحاد الأوروبي إلى امتصاص «الفورة اللبنانية»، من خلال الموافقة على سياسة عودة «سلحفاتية» للنازحين يقبل بها اللبنانيون، وتحول دون حركة نزوح جديدة نحو دول الاتحاد الأوروبي.