اتجاه جديد يتخذه مسار المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. تسارع المسار تصاعدياً. الحرائق المشتعلة في إسرائيل من الجولان إلى نهاريا، تحرج حكومة نتنياهو إلى حدود بعيدة. وتسهم في تهزئة المسؤولين الإسرائيليين، الذين أكثروا من التصريحات طوال الأشهر الفائتة حول ضرب حزب الله، والدخول إلى جنوب لبنان، وتحويل الصيف إلى حار جداً.. إضافة إلى التهديد بإشعال لبنان.
شكّلت هذه المواقف مواداً للسخرية في صفوف الإسرائيليين والكثير من وسائل إعلامهم وأصحاب الرأي بينهم. التكثيف الناري الذي أقدم عليه حزب الله، في إطار تصاعدي له غاية وحيدة، هو دفع الإسرائيليين للقبول بالصفقة الأميركية المقترحة لوقف الحرب على غزة.
مؤشرات خطيرة
كذلك للتكثيف الناري من قبل الحزب هدف آخر، وهو إبلاغ الإسرائيليين بالمعنى العسكري، حول قدرته على توسيع الضربات، وإلحاق خسائر كبيرة بهم، في حال قرروا الدخول في حرب ضده. يأتي ذلك بعد تنسيق حصل بين قوى محور المقاومة، حول ضرورة التصعيد من مختلف الجبهات، لدفع الإسرائيليين إلى القبول بوقف إطلاق النار، والتهديد بأنه في حال استمرار الحرب فإن الضربات ستتكثف.
على وقع هذا التصعيد، لا بد من قراءة مؤشرات متعددة. أولها ارتفاع في نسبة المواقف الإسرائيلية الداعية إلى شن حرب على لبنان، أو تصعيد وتيرة المواجهات والاستهدافات. وهذه المواقف جاءت على ألسنة العديد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية. ثانيها، إجراء استطلاع رأي في إسرائيل حول الحرب مع حزب الله، فكانت النتيجة أن 55 بالمئة من الإسرائيليين أيدوا ضرورة شن حرب على الحزب ولبنان، بعد الانتهاء من حرب غزة وتبادل إطلاق الرهائن والأسرى. ثالثها، على وقع الحرائق المشتعلة التي التهمت مساحات واسعة من “شمال اسرائيل”، وسط مواجهة صعوبات في إطفائها، عقدت نتنياهو اجتماعاً حكومياً ناقش فيه الخيارات الأمنية والعسكرية للتعامل مع جبهة لبنان، وسط تسريبات إسرائيلية تفيد بأن الجيش الإسرائيلي قد أعد خطة وعرضها على نتنياهو، حول كيفية التعامل مع حزب الله وتصعيد الضربات أو المواجهات، وقد صادق عليها رئيس الأركان. لكن نتنياهو لم يوافق عليها حتى الآن. فيما هناك من يتهمه بأنه يحاول التهرب.
رسائل تهديد
يأتي ذلك بعد زيارة أجراها نتنياهو إلى الحدود مع لبنان قبل أيام، وقال فيها إنه يتم التحضير لمفاجآت، وإنه وقع على إجراءات أمنية وعسكرية لن يكشف عنها. هذا التصريح دفع حزب الله إلى التصعيد الناري، في إطار الردّ الاستباقي على أي محاولة اسرائيلية لفرض وقائع جديدة. بينما تتعالى الأصوات في إسرائيل حول ضرورة فرض وقائع عسكرية جديدة على الجبهة اللبنانية، لتتمكن تل أبيب من الدخول في أي تسوية أو حلّ.
هذا الرأي يعني لجوء إسرائيل إلى تصعيد وتيرة العمليات العسكرية، والانتقال إلى مرحلة جديدة لفرض التسوية أو الاتفاق. لأنه في حال إنتاج التسوية بظل الوقائع العسكرية الحالية ستكون إسرائيل قد خرجت مصابة بهزيمة كبرى. وهذا ما يراهن عليه حزب الله، باعتبار أن لا قدرة لوجستية وبشرية لدى الإسرائيليين على شن الحرب، ولا رغبة أميركية في حصول حرب ثانية في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن المعادلة ستكون لصالحه.
في ظل كل هذه التطورات، لا يزال لبنان يتلقى المزيد من الرسائل التي تحمل تهديدات إسرائيلية. ومجدداً عاد ضرب المواعيد بين منتصف حزيران ونهايته، فيما هناك مواعيد أخرى تصل إلى شهر تموز.
ضمن هذا السياق، يأتي هذا التحذير البريطاني الذي سمعته جهات لبنانية عديدة حول احتمالات التصعيد خلال الفترة المقبلة، ووجوب اتخاذ إجراءات تتصل بتوفير المواد الأولية تحسباً لانقطاعها. إلى جانب هذه الرسالة، هناك رسائل أخرى نقلت أيضاً، بعضها يتصل ببحث عدد من السفارات الأجنبية في إعادة تفعيل بروتوكلات إخلاء الموظفين وتحذير المواطنين من السفر إلى لبنان.