المبادرات في لبنان والقرار في الخارج…

مع تسارع التطورات المرتبطة بحرب غزّة، وتزايد مخاطر توسُّع هذه الحرب على لبنان ، وبعد تعثر تنفيذ بيان اللجنة الخماسية الاخير، وفشل مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان، نشط موسم المبادرات المحلية، علّها تستطيع تحقيق اختراق في الملف الرئاسي، حيث فشلت التحركات والجهود الخارجية بذلك حتى الان.

بادر اللقاء الديموقراطي الى التحرك الان، محاولا من خلال موقعه المنفتح على كل الاطراف والقوى الحزبية والسياسية، طرح افكار واقتراحات مرنة،لتبديد الخلاف الحاصل حول اسبقية الحوار على الانتخابات الرئاسية، أملاً في تحقيق تقارب على مفهوم التشاور المسبق، بدل الحوار، لارضاء المتشبثين بالحوار المسبق، والرافضين له معا والتقدم خطوة الى الامام نحو التفاهم المطلوب للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية.

وقد حفزت مبادرة اللقاء الديموقراطي هذه، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل للقيام بتحرك مماثل في القريب العاجل، لكسر حدة الانقسام السائد حول ملف الانتخابات الرئاسية، والبحث عن صيغة مقبولة للخلاف الحاصل بخصوص فرض اجراء حوار مسبق بين الاطراف السياسيين، قبل انتخاب الرئيس، ورفضه من قبل المعارضة، باعتباره خرقا للدستور.

يستبعد اللبنانيون ان تؤدي المبادرات والتحركات الجارية من قبل اللقاء الديموقراطي او التيار الوطني الحر، الى تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي قدما إلى الامام، مادام حزب الله وحلفاؤه، يتعاطون بسلبية، ويغلقون الابواب امامها، تارة بحجة اجراء حوار يسبق الانتخابات الرئاسية،وتارة بربط الانتخابات الرئاسية بانتهاء الحرب على غزّة.

بالامس القريب عطل حزب الله وحلفاؤه، مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان، بالحجج ذاتها،وقبلها تم افشال مبادرة كتلة الاعتدال الوطني ايضا.

من الطبيعي ان ينظر اللبنانيون بأمل الى اي تحرك او مبادرة لانهاء مأزق الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، وقد تكون مثل هذه التحركات مطلوبة لاخراج لبنان من ازمة تعطيل الانتخابات الرئاسية، ولكن مع استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية، وفرض شروط مسبقة ومرشح للرئاسة من جانب واحد، يعني ان قرار إجراء الانتخابات الرئاسية، ليس موجودا في لبنان، كما هو قرار اشعال المواجهة العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي الموجود في طهران.

تبقى كل المبادرات المطروحة، من كتلة الاعتدال الوطني، وبعدها اللقاء الديموقراطي،الى التيار الوطني الحر، غير مجدية، وهي بمثابة تقطيع للوقت الضائع، ريثما يتم التفاهم على الملف اللبناني،بين واشنطن وطهران، ولن يحصل ذلك قبل انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزّة كما يبدو حتى الان .

ولذلك، لا بد لأي مبادرة لكي تنجح باخراج ملف الانتخابات الرئاسية من جموده، ان يكون قرار اجراء الانتخابات الرئاسية موجودا في لبنان، وهذا غير متوفر حاليا.

اترك تعليق