كشفت المعلومات الواردة من واشنطن أنّ الإدارة الأميركية تعمل حثيثاً على احتواء التصعيد على الجبهة الجنوبية خشية انزلاق المواجهات الى حرب ما تلبث أن تنخرط فيها ايران والميليشيات التابعة لها في المنطقة.
وعلمت «نداء الوطن» أنّ الولايات المتحدة طلبت في صورة غير مباشرة من «حزب الله» الانخراط في جهود الوساطة مع حركة «حماس» من أجل التوصل الى اتفاق يوقف حرب غزة ما يؤدي الى وقف المواجهات بين اسرائيل و»الحزب». ووفق هذه المعلومات اقترح المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، في اتصال أجراه برئيس مجلس النواب نبيه بري أن ينقل الى «حزب الله» طلباً يقضي بتكثيف «الحزب» الجهود مع «حماس» في موازاة الجهود الجارية مع اسرائيل كي يتحقق وقف النار في غزة. وبرّر هوكشتاين طلبه غير المسبوق، بأنه يلاقي قرار «حزب الله» بربط جبهة الجنوب بغزة، فإذا ما نجحت الجهود الجارية لوقف الحرب في القطاع الفلسطيني فسيؤدي ذلك تلقائياً الى وقف مواجهات الجنوب.
وبحسب المعلومات تلقّى بري من «الحزب» جواباً ضمّنه رفضاً للقيام بهذه الوساطة لاعتبارات وصلت الى عين التينة ونقلتها الى المبعوث الأميركي.
في موازاة ذلك، حذّرت إدارة بايدن إسرائيل في الأسابيع الأخيرة من فكرة «حرب محدودة» في لبنان، خشية أن يدفع ذلك إيران للتدخل، حسبما قال مسؤولان أميركيان ومسؤول إسرائيلي لموقع «أكسيوس» الاخباري.
وما قاله مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إنّ هناك قلقاً متزايداً في الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية من أنّ الوضع في لبنان يصل إلى نقطة تحوّل، علماً أنّ الولايات المتحدة وفرنسا تحاولان إيجاد حل ديبلوماسي للحدّ من التوترات على الحدود، لكنهما لم تحرزا تقدماً بعد.
و أبلغ مسؤولون أميركيون «أكسيوس» أنّ إدارة بايدن أخبرت إسرائيل أنها لا تعتقد أنّ «حرباً محدودة» في لبنان أو «حرباً إقليمية صغيرة» هي خيار واقعي، لأنه سيكون من الصعب منعها من الاتساع والخروج عن السيطرة. وحذرت إسرائيل من أنّ الغزو البري للبنان، حتى لو كان في المناطق القريبة من الحدود فقط، من المرجح أن يدفع إيران إلى التدخل.
ويشير أحد السيناريوات التي أثارتها واشنطن مع إسرائيل الى أنّ لبنان يمكن أن يغرق بمقاتلين من الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق وحتى اليمن الذين يرغبون في الانضمام إلى القتال.
في غضون ذلك، قال مسؤول اسرائيلي لـ»اكسيوس» إنه لم تتخذ أي قرارات في اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الأخير، لكن الجيش الإسرائيلي قدم عدة خيارات لتوسيع القتال، بما في ذلك غزو بري يهدف إلى دفع قوات «الرضوان» التابعة لـ»حزب الله» بعيداً عن الحدود.
وشدد على أنه منذ 7 تشرين الأول الماضي، كان توجيه القادة السياسيين للجيش الإسرائيلي هو التركيز على هزيمة «حماس» في غزة وتجنّب الحرب في لبنان. وقال المسؤول إنّ تغيير هذه السياسة قد تكون له عواقب بعيدة المدى. وأوضح أن الحرب مع «حزب الله» أو عملية محدودة في لبنان ستكون لها «تداعيات كبيرة على إسرائيل»، وبعد أن تكلف أرواحاً وتستنزف الموارد، من المرجح أن تؤدي إلى اتفاق مماثل لذلك الذي يتم السعي إليه حالياً بين إسرائيل وغزة. وقال: «نحن في حاجة إلى فهم هذا قبل اتخاذ القرارات».
وفي المقابل، دعا عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس السلطات المحلية في شمال إسرائيل للاستعداد لأيام صعبة قد تتحوّل إلى حرب حقيقية. وقال في تصريح أمس: «الحكومة اللبنانية لا تريد اندلاع حرب واسعة وعليها الضغط على «حزب الله» .
ونقلت صحيفة «معاريف» عن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، قوله «علينا دخول لبنان وتدمير «حزب الله» ونحن قادرون على ذلك» .
ميدانياً، أغار الطيران الحربي الاسرائيلي فجر أمس، على بلدة وادي جيلو في قضاء صور، مستهدفاً منزلاً غير مأهول، ما أدى إلى تدميره واشتعال النيران في عدد من المنازل المحيطة بالمكان، ومستودع لأدوات التنظيف والزيوت، وألحقت الغارة الأضرار بعشرات المنازل كتكسير الزجاج والنوافذ والتصدع، بالإضافة إلى أضرار جسيمة في البنى التحتية، وبخاصة شبكتي الكهرباء والمياه.
واستهدفت مسيّرة إسرائيلية، بصاروخ موجّه، دراجة نارية في ساحة بلدة عيترون. ولاحقاً، نعى «حزب الله» حسين نعمة الحوراني «بدر» مواليد عام 1988 من مدينة بنت جبيل.
وفي المقابل، أعلن «حزب الله» أنّ عناصره استهدفوا «التجهيزات التجسسية في موقع الراهب بالأسلحة المناسبة وأصابوها إصابة مباشرة وتم تدميرها». كما استهدفوا مقرّ قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت.
وعلى الجانب الاسرائيلي، أعلن الجيش مقتل جندي «سقط أثناء القتال في الشمال»، أول من أمس بعد إطلاق طائرتين مسيرتين متفجرتين من لبنان في اتجاه مستوطنة حرفيش.