انضمّ، أول من أمس، شهيدٌ آخر الى شهداء مرفأ بيروت، وهو المجنّد عبد السلام شرف حارسا أميناً للحقيقة الضائعة. فما هي الرواية الحقيقيّة لقصة الغدر الجديدة في المرفأ التي حصل عليها موقع mtv؟
اعتاد غسان صايغ أن ينطلق سيراً من الصالومي الى السان جورج لتمضية وقته الفارغ بعد أن هجر منزل عمّه في برمانا نتيجة خلافٍ حصل معه، ليستقرّ في ميرنا الشالوحي.
يشاهد غسان بشكلٍ دائم خلال مسيره جنوداً يحملون السلاح، يقومون بحراسة ومراقبة الأماكن، خصوصاً الحسّاسة، حفاظاً على الأمن. فرأى ضالّته امام نقطة تشرف على المرفأ مقابل تمثال المغتربين، إذ كان يرغب في سلاح يدافع فيه عن نفسه وفق زعمه، فوجد الفرصة المناسبة ليسلب ويقتل غدراً المجند عبد السلام شرف.
اقترب من المحرسة مفاجئاً المجنّد ومطلقاً النار عليه من مسافة قريبة بطلقتَي مسدس كان قد سرقه قبل فترة من داخل احدى السيارات. سلاح م ١٦ أميري وممشط كانت غنيمة القاتل وعاد من حيث أتى الى حيث يبيت.
أبلغ المعنيّون في مديريّة المخابرات بالحادثة فور وقوعها، فعمد فريقٌ تقني مختص بتقصي الآثار الجرمية والاستحصال على صورة المجرم، وبدأ البحث الفوري عن مرتكب الجريمة مع وضع خطة فورية لتتبعه ودرس جميع الاحتمالات الممكنة والدوافع.
الساعة العاشرة صباحاً من اليوم التالي، اكتملت خيوط الجريمة وأصبحت الصورة الكاملة بين يدي خلية التحقيق والتقصي والرصد الفني ومجموعة القوة الخاصة التي باشرت بالتنفيذ، فتم بداية الأمر توقيف رفيقيه (ر.ف) الذي اشترى له بندقية صيد وجعبة ثم باع البندقية لاحقاً من دون علم غسان ليلعب القمار بالمبلغ، ورفيقه الثاني (ر.د) الذي لم يتبيّن اي علاقة مشبوهة له مع القاتل. علماً أنّ جميعهم يتعاطون المخدرات.
باشرت خمس مجموعات تتبّع النقاط المحتملة لتواجد القاتل حتى استقرّ الهدف في ميرنا الشالوحي حيث الاكتظاظ السكاني، فتمّت المداهمة من اكثر من جهة وحصل تبادل لاطلاق النار معه، وكانت الأوامر بتجنّب قتله والحاق الأذى بالمدنيّين. وألقي القبض عليه مع المسدس الذي استخدم في عملية القتل، اضافة الى السلاح الأميري الذي سرقه من المجند الشهيد.
غسان صباغ مواليد ١٩٩٣ درس التجارة ولم يكمل ثم عمل في العقارات ثم سائق تاكسي، والتحقيقات معه مستمرة لمعرفة الدوافع التي تبين انها ليست عقائدية او سياسية.
وتواجه مديرية المخابرات وباقي الأجهزة امتحاناً صعباً في مواجهة الحوادث التي تحصل إذ لم تهدأ ساحة المواجهة من مخلفات داعش، آخرها مجموعة الثماني في عكار وصولاً الى الذئب المنفرد في السفارة الأميركية ثم الجريمة المنظمة، بدءاً من مقتل باسكال سليمان الى حادثة السيوفي ثم العزونية وتجار المخدرات الذين يعيثون فساداً من البقاع الى الضاحية ومخيمات الفلسطينيين و اللاجئين.
جميع هذه الجرائم استطاع عناصر المديرية ان يكشفوا حقيقتها ومنع امتداد تداعياتها وارتداداتها بسرعة قياسية، وبعضها وهي الأخطر، تمّ استباق وقوعها.
ورغم المعاناة والصعوبات التي تواجهها الأجهزة الأمنيّة، يؤكد مرجعٌ أمني أنّه “لا يمكن التخلّي عن واجباتنا في حفظ الأمن ومتابعة الخلايا الارهابيّة والحوادث اليوميّة لتحصين الوضع الداخلي في ظلّ مواجهة حربٍ اسرائيليّة مدمّرة في الجنوب”.