في ضوء التهديدات التي يطلقها مسؤولون إسرائيليون بشنّ عمليّة عسكرية ضدّ الحزب استعادت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً مضمون تقرير مثير للخوف حول واقع الجبهة الإسرائيلية في حال اندلعت المعركة الواسعة ضدّ الحزب، وحول قدرات الحزب. التقرير كتبه 100 خبير إسرائيلي، وهو “يرعب” الجبهة الداخلية والجمهور الإسرائيلي.
التقرير الذي يخيف إسرائيل كان نشر سابقاً ملخّصاً عنه موقع “كالكاليتس” الاقتصادي الإسرائيلي. وشارك في إعداده 100 مسؤول رفيع المستوى من عسكريين وسياسيين وإداريين. وتمّت إعادة التركيز عليه اليوم في ظلّ تصاعد التهديدات المتبادلة بين إسرائيل والحزب والمواقف التي أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير.
ممّا جاء في التقرير: “الحرب المتعدّدة الساحات سوف تُفتح من الشمال بنيران صاروخية مكثّفة وتدميرية من جانب الحزب موجّهة تقريباً إلى كلّ مكان في أرجاء إسرائيل. المديات سوف تكون هائلة، من 2,500 حتى 3,000 عملية إطلاق في اليوم، وستشمل قذائف صاروخية (إحصاؤها غير دقيق) وصواريخ دقيقة بعيدة المدى. من حين إلى آخر سوف يركّز الحزب جهده وسيطلق صليات ضخمة باتجاه منطقة محدّدة واحدة. على سبيل المثال قاعدة مهمّة للجيش الإسرائيلي أو مدينة في غوش دان. وسوف توجَّه إليها مئات القذائف الصاروخية في يوم واحد. الإطلاق سوف يتواصل يوماً بعد يوم، حتى اليوم الأخير من الحرب، بعد اندلاعها بثلاثة أسابيع تقريباً”.
“وحدة السّاحات” الكبرى
يتابع التقرير: “منذ المراحل الأولى للمعركة سوف تنضمّ إليها تنظيمات “إرهابية” من كلّ المنطقة. وهي ميليشيات موالية لإيران في سوريا والعراق. بالإضافة إلى الدمار الهائل الذي لم تشهد له إسرائيل مثيلاً، مع توقّع سقوط آلاف الخسائر في الجبهة الداخلية، وهو ما سيؤدّي إلى حالة ذعر شعبية عامة. وأحد الأهداف الرئيسية لعمليات القصف هو أن يأتي بشكل متزامن من عدّة اتّجاهات. وسوف يكون هدفه النهائي التوصّل إلى تقويض منظومة الدفاع الجوّي للجيش الإسرائيلي من خلال ذخيرة دقيقة وطيران يحلّق على ارتفاع منخفض، مثل مسيّرات وصواريخ جوّالة سوف تحاول إحداث أضرار مادّية وتدمير بطّاريات القبّة الحديدية”.
يضيف التقرير: “وتيرة النيران سوف تضع التكنولوجيا الإسرائيلية أمام تحدّيات غير مسبوقة. احتياطي صواريخ الاعتراض الخاصّة بالقبّة الحديدية ومقلاع داود سوف يفرغ على الأغلب خلال أيام معدودة من بداية القتال، وإسرائيل سوف تقف مكشوفة أمام آلاف القذائف الصاروخية والصواريخ طوال ساعات اليوم من دون دفاع فعّال ناجع، وبالتأكيد غير محكم”.
يكمل التقرير: “في الوقت ذاته، سوف يحاول الحزب تخريب نشاط سلاح الجوّ والحدّ من قدرته على العمل انطلاقاً من قواعده. صواريخ ثقيلة ودقيقة سوف يتمّ توجيهها إلى مسارات الإقلاع خلال مجالات زمنية سوف تمنع أو تصعّب ترميمها. نيران مكثّفة سوف توجَّه إلى الهنغارات التي ستُخزَّن فيها طائرات F16و F35وF15، التي تعتبر أساس القوة الجوّية الحربية لإسرائيل”.
أمّا أكثر ما يخيف سكّان إسرائيل فهو التالي: “صواريخ دقيقة مع رؤوس متفجّرة بزنة مئات الكيلوغرامات، من ضمنها أيضاً صواريخ جوّالة سوف يتمّ توجيهها نحو بنى تحتية حسّاسة. وعلى لائحة الأهداف: محطات طاقة وبنى تحتية لمرافق الكهرباء ومنشآت تحلية المياه والبنى التحتية لوسائل النقل. وكذلك مرافئ في حيفا وأسدود سوف تتعطّل، ومعها تتعطّل تجارة البضائع الدولية”.
حول احتمال حصول اقتحام للجليل يقول التقرير: “الفوضى سوف تتفاقم عندما يرسل الحزب إلى الأراضي الإسرائيلية مئات المقاتلين من وحدة الرضوان، قوّة الكومندوس الخاصة به، في محاولة للسيطرة على مستوطنات على طول الحدود مع لبنان وعلى مواقع الجيش في القطاع. وسوف يضطرّ الجيش الإسرائيلي إلى مواجهة قتال واشتباكات مع “مخرّبين” داخل الأراضي الإسرائيلية على حساب توجيه الجهد لعمليات فورية في لبنان ولمناورة برّية من أجل السيطرة على مناطق إطلاق النار”.
فقدان ثقة الإسرائيليّين بقيادتهم
في الداخل، على مدى أيام عديدة سوف يجد الجمهور الإسرائيلي صعوبة في تلقّي معلومات محدثة وموثوقة عن الوضع. وسوف يفقد هذا الجمهور ثقته بالرسائل التي سوف تصله من جهات ومتحدّثين رسميين. الهلع والذعر سوف يتفاقمان في ظلّ عدد الإصابات الكبير، الضرر الهائل، والتشويش في إمداد الكهرباء والمياه، إضافة إلى تأخّر وصول قوات الإنقاذ والإغاثة إلى ساحات الدمار وصعوبة الحصول على خدمات ضرورية مثل الأغذية والأدوية. وسيسود الهلع والارتباك وسط الجمهور. سوف يفاقمهما الحزب عبر حرب نفسية متواصلة، وسيفتح معركة واسعة في ميدان الوعي عندما يُغرق الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بتهديدات وبمعلومات كاذبة ستعمّق الخلافات الداخلية. هؤلاء سوف يرغبون بالفرار إلى خارج إسرائيل، وسيكتشفون أنّ الصلة الجوّية لإسرائيل مع العالم قد انقطعت.
هذا التقرير هو نتيجة بحث بدأ قبل نحو ثلاث سنوات في “معهد سياسة مكافحة الإرهاب” في جامعة “رايخمن”، تمّت في نهايته بلورة وتوقيع تقرير تحت عنوان “مواجهة تحدّيات جبهة القتال والانتصار في المعركة”.
100 خبير كتبوا التقرير
خلاصة التقرير، الذي يمتدّ على 130 صفحة، هي نتاج عمل ستّة طواقم تفكير، تمّ تشكيلها من 100 خبير في “الإرهاب”، بينهم مسؤولون سابقون في المؤسسة الأمنيّة وأكاديميون ورجال حكم وإدارة بحثوا نواحي مصيرية مرتبطة باستعداد الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية لحرب متعدّدة الساحات.
من الموقّعين على تقرير البحث، الذي يُكشف عنه هنا للمرّة الأولى، الضابطان برتبة لواء (بالاحتياط) أهارون زئيفي فركش (رئيس أمان سابقاً)، إسحق بريك (قائد الكلّيات العسكرية سابقاً)، الرئيسان السابقان لسلطة الطوارئ القومية العميدان (بالاحتياط) زئيف تسوك رام وبتسلئيل ترايبر، الممثّلة السابقة لخدمة السجون الضابط (بالاحتياط) أوريت أداتو، القائد السابق للقطاع الشمالي في قيادة الجبهة الداخلية العقيد (بالاحتياط) عيرن مكوف، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات والعلاقات الخارجية في الموساد حاييم توم، ووزير القضاء السابق دان مريدور.
رأس البروفيسور بوعاز غانور هؤلاء الباحثين، وهو طليعي في مجال الأبحاث المتعلّقة بالإرهاب في الأكاديميا، وأسّس قبل نحو 30 عاماً “معهد سياسة مكافحة الإرهاب”. وفي شهر أيلول الماضي تمّ تعيينه رئيساً رابعاً لجامعة “رايخمن”.
خلال الشهور والأسابيع التي سبقت هجوم 7 أكتوبر في غزّة، قُدّم البحث للجهات ذات الصلة في الجيش والقيادة السياسية، في محاولة لتنبيه الأجهزة الأمنيّة وصنّاع القرارات من السبات ومن الفكرة الخاطئة التي تمسّكوا بها، لكنّه لم ينجح.
ما تضمّنه هذا التقرير يشكّل اليوم محور بحث جدّي لدى المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، خصوصاً أنّ ما جرى خلال معركة طوفان الأقصى إلى اليوم هو نموذج محدود ممّا قد يحصل في حال اندلاع المعركة مع الحزب.