من خارج سياق الأحداث والملفّات الأساسية الفارضة لإيقاعها في السياسة والأمن أعاد عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله مجدّداً طرح التمديد للعسكر والموظّفين في الإدارة العامّة عبر اقتراحَي قانون لتعديل قانون الدفاع ونظام الموظّفين.
سريعاً رُبِط الأمر باحتمال التمديد مجدّداً لقائد الجيش العماد جوزف عون، وهذه المرّة تحت مظلّة واسعة تشمل الجميع من دون استثناء.
ينفي النائب بلال عبدالله أيّ صبغة سياسية لاقتراحَي القانون ترتبط باستحقاق إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد بداية العام بعد استنفاد مهلة التمديد له لعام واحد. ويقول لـ “أساس”: “أنا شخصيّاً وبما أمثّل لا نعمل على إيقاع احتياجات أشخاص بل احتياجات الدولة وخدمة للإدارة وتسيير أمور الناس. أنا إلى جانب العسكري والموظّف الصغير قبل اللواء والعماد والعميد أو موظّف الفئة الأولى. ولم أسجّل على نفسي يوماً تقديم اقتراحات قوانين على قياس أشخاص”.
يضيف عبدالله لـ”أساس”: “أصلاً تمّ التمديد لقائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي والمدير العام للأمن العام بموجب اقتراح قانون مقدّم من كتلة الاعتدال وليس منّي. وظُلِمنا حين تقدّمنا باقتراح قانون فُهمِ منه أنّه مفصّل على قياس اللواء عباس إبراهيم”، مشدّداً على أنّ “اقتراحات القوانين التي أتقدّم بها ليست مفصّلة على قياس شخص بل حاجة الإدارة ومصلحة العسكر والمدنيين الذين بات التقاعد بالنسبة لهم استحقاقاً مخيفاً ربطاً بالأزمة الاقتصادية ومتطلّباتها. أنا كنت طبيب قضاء لسنوات في وزارة الصحّة وأعرف جيّداً حاجات الإدارة والفارق بين موظّف أصيل وآخر بالوكالة”.
لا جلسة تشريعيّة قريبة
لا جلسة تشريعية قريبة لمجلس النواب تحت عنوان “تشريع الضرورة”، ويبدو الداخل اللبناني غارقاً بملفّات أكثر حساسيّة وخطورة، ومع ذلك بدت هذه الخطوة كجسّ نبض لاحتمال التوسّع بمنطق التمديد منعاً للظلم الذي يلحق بالمدنيين والعسكر وربطاً بالأزمة السياسية والماليّة التي يبدو أن لا أفق حلّ لها بعد.
القانون الشمولي، بتأكيد مصدر مطّلع، يمنح الفرصة لضبّاط أصحاب كفاءة عالية بالبقاء في مواقعهم في الظرف الراهن
التّمديد للكلّ!
بما أنّ التمديد لن يكون حكراً على شخص أو طائفة تقول مصادر سياسية إنّه “هذه المرّة، وبعد محاولات فاشلة سابقاً، قد يكتسب مشروعية لمجرّد أنّه مطلب عسكري ومدني قد تستجيب له قوى سياسية لأسباب مصلحيّة، خصوصاً في ظلّ استعصاء الأزمة وعدم وجود بوادر حلّ لها”.
التمديد
أكثر من ذلك، تضجّ أروقة المؤسّسات الأمنيّة والعسكرية بالأحاديث عن استفادة ضبّاط كبار من التمديد على حساب باقي الضبّاط ممّن يحتاج إليهم السلك العسكري والأمنيّ أيضاً في هذه الظروف الدقيقة ضمن نطاق اختصاصهم، في حين أنّ القرار السياسي حتى الآن يشمل بـ “نِعمَتِه” بعض القادة الكبار فقط، وهذا ما يَخلق “طبقيّة” وتمييزاً وإحباطاً بين الضبّاط.
القانون الشمولي، بتأكيد مصدر مطّلع، يمنح الفرصة لضبّاط أصحاب كفاءة عالية بالبقاء في مواقعهم في الظرف الراهن، كما يجنّب المؤسّسات العسكرية خلافات كبيرة كما يحصل اليوم بين قائد الجيش ووزير الدفاع بعد قيام الأخير بالتمديد لضابطين في المجلس العسكري استناداً إلى قانون التمديد نفسه الذي مدّد خدمة قائد الجيش عاماً إضافياً.
سَحب المعجّل المكرّر
يوضح عبدالله: “اقتراحات القوانين السابقة التي قدّمتها كانت بصيغة معجّل مكرّر، وليس هناك اليوم من جلسات نيابية، فسحبتها وأعدت تقديمها كاقتراحات قوانين عاديّة مع بعض التعديلات التي تتناسب مع الواقع والمنطق كي تأخذ مسارها الطبيعي عبر الإحالة أوّلاً إلى اللجان النيابية ثمّ إدراجها على جدول أعمال الجلسات التشريعية. مع العلم أنّ أكثرية اقتراحات القوانين بصفة معجّل مكرّر لم تُدرَج على جدول أعمال جلسات تشريع الضرورة التي انعقدت سابقاً”.
تضجّ أروقة المؤسّسات الأمنيّة والعسكرية بالأحاديث عن استفادة ضبّاط كبار من التمديد على حساب باقي الضبّاط
التّمديد للعسكريّين
يشمل اقتراح قانون تمديد سنّ العسكريين الذي قدّمه عبدالله تعديل المادّتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 (قانون الدفاع) والمادّتين 60 و88 من القانون رقم 17 (قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي) بحيث يتمّ التمديد لكلّ الرتباء والأفراد والضبّاط من رتبة ملازم إلى عماد لمدّة سنتين إضافيّتين فيصبح العميد (60) واللواء (61) والعماد (62). ولا تحتسب مدّة الخدمة المُضافة بموجب هذا القانون من المدّة التي تستحقّ أو تؤهّل المستفيد منها للترقية أو الأقدمية، كما أنّها لا تخضع إلّا لتدبير الاستنفار رقم واحد، ولا يستفيد من القانون مَن بحقّه عقوبات تأديبية أو قرار بالطرد. على أن يُعمل بهذا القانون مدّة خمس سنوات من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ورد في الأسباب الموجبة للقانون عدم إجراء أيّ تعديل على أحكام التسريح منذ عام 1983 (قانون الدفاع) ومنذ عام 1990 (قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي)، وعدم حصول دورات تطويع لمصلحة المؤسّسات الأمنيّة والعسكرية في مقابل تسريح عناصر من هذه المؤسّسات، “ولمّا كان الاتّجاه التشريعي قد اتّجه لتمديد سنوات الخدمة وظهر هذا الأمر في المادّة 90 من القانون رقم 144/2019 من خلال رفع عدد سنوات الخدمة الفعليّة التي تتيح الحقّ بالتقاعد. ولأنّ هذا الاقتراح لا يهدف إلى تراكم عدد الضبّاط والرتباء ولا إلى الحدّ من قدرة المؤسّسات العسكرية والأمنيّة على التطويع ورفد هذه المؤسّسات بعناصر جديدة شابّة، فقد حُدّد العمل به لمدّة ثلاث سنوات”.
ينفي النائب بلال عبدالله أيّ صبغة سياسية لاقتراحَي القانون ترتبط باستحقاق إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد بداية العام
التّمديد لموظّفي الإدارة
يرمي الاقتراح الثاني الذي قدّمه النائب عبدالله إلى تعديل الفقرة 1 من المادّة 68 من المرسوم الاشتراعي رقم 112 (نظام الموظّفين) لتصبح الإحالة إلى التقاعد أو الصرف من الخدمة لموظّفي الفئتين الخامسة أو الرابعة عن عمر 66، والفئات الأولى أو الثانية أو الثالثة عن عمر 68، وهو قانون استنسابي بحيث يحقّ للموظّف تقديم طلب إحالته إلى التقاعد عند بلوغه سنّ 64. ويستثنى منه الموظّفون الذين فرضت عليهم العقوبة الثالثة من الدرجة الثانية المنصوص عنها في المرسوم الاشتراعي رقم 112. كما يُعمل بهذا القانون لمدّة خمس سنوات.
أمّا الأسباب الموجبة فشملت “ضرورة الاستفادة من خبرة الموظّفين، خصوصاً في الوظائف القيادية، كما يحقّق القانون وفراً ماليّاً على خزينة الدولة، لا سيّما في الأوضاع الحالية التي تمرّ بها الماليّة العامّة، وهو إجراء كثيراً ما تلجأ إليه الدول خلال أزماتها الماليّة. إلى جانب الشغور الكبير الذي تعاني منه إدارات الدولة بسبب وقف التوظيف وصعوبة تعيين موظّفين، وهو ما سيؤدّي إلى مزيد من الفراغ”.
كما تطرح فكرة أن يشمل التمديد من أحيلوا أو سيحالون إلى التقاعد في العام الجاري لرفع الغبن عمّن أحيلوا هذا العام إلى التقاعد قبل صدور قانون التمديد في حال إقراره في مجلس النواب.