الحزب وبكركي: قطيعة أم هدنة؟

هل تؤدّي مواقف البطريرك بشارة الراعي الأخيرة في شأن حرب غزة والجبهة الجنوبية مع شمال إسرائيل إلى حصول قطيعة بين الحزب وبكركي؟ وهل تكفي وساطة النائب فريد الخازن الذي التقى الراعي يوم السبت إلى تخفيف الاحتقان بين الطرفين؟

تنفي أوساط قريبة من الحزب حصول قطيعة نهائية مع بكركي ربطاً بالمواقف التي أطلقها البطريرك في عظته التي تزامنت مع وصول الموفد البابوي بيترو بارولين إلى بيروت، لكنّها تجزم أنّ عدم حضور لقاء بكركي الروحي-السياسي بحضور أمين سرّ الفاتيكان كان أمراً بديهياً اعتراضاً على المقاربة التي عرضها الراعي في عظته والتي وصلت إلى حدّ وصف أعمال المقاومة في جنوب لبنان بـ”الأعمال الإرهابية”.

أكثر من ذلك، تفيد معلومات “أساس” بأنّ قيادة الحزب لم تقتنع بالتوضيحات الصادرة عن بكركي ولا تلك التي حملها الخازن خلال لقائه البطريرك السبت لأنّها تعلم الخلفيّة التي انطلق منها الراعي واستحضاره للقرار 1559 وسياق الكلام الواضح الذي لا يُفهم منه سوى نعت المقاومة بالإرهاب.

الحزب: لا جبهات داخليّة

تقول الأوساط القريبة من الحزب بأنّ قيادة المقاومة غير معنيّة إطلاقاً بفتح جبهات توتّر مع أحد، خصوصاً بكركي، في هذه المرحلة الحسّاسة، مؤكّدة أنّه تمّ تسجيل موقف حيال لقاء بكركي الذي حضره الموفد البابوي، ولم يكن هناك أيّ نيّة لتسجيل موقف سلبي من حضور الكاردينال بارولين.

بكركي

وفق معلومات “أساس” وفي سياق اللقاءات الدورية التي كانت تعقد بين الحزب وبكركي، سُجّل حصول عدّة اجتماعات في منزل النائب الخازن كلّف البطريرك مستشاره ومدير مكتبه وليد غيّاض بحضورها، ومن جهة الحزب حضر مسؤول الملفّ المسيحي الحاج محمد سعيد الخنسا، إضافة إلى الدكتور مصطفى علي والدكتور عبدالله زيعور.
تنفي أوساط قريبة من الحزب حصول قطيعة نهائية مع بكركي ربطاً بالمواقف التي أطلقها البطريرك في عظته

هذه اللقاءات بقيت قائمة بعد مرحلة السابع من تشرين الأول عند بدء حرب غزة، وقد شملت ثلاثة محاور أساسية: المعارك في جنوب لبنان حيث نقل الحزب إلى الراعي مقاربته في شأن معركة إسناد غزة واعتماد الفعل الاستباقي تحسّباً للنوايا العدوانية للإسرائيليين، إضافة إلى ملفّ النازحين السوريين وملفّ رئاسة الجمهورية، حيث أكّد ممثّلو الحزب أنّ الأخير من “أنصار الحوار… فلنتحاور لتقريب وجهات النظر والكلمة لصندوق الاقتراع”.

وفق المعلومات، لا توجّه الآن لحصول أيّ اجتماع بين الطرفين، فيما تحرّك النائب الخازن بحدّ ذاته يعكس عدم ممانعة من قبل الحزب لنقل الرسائل بين الطرفين وللتهدئة، وليس أكثر من ذلك.

ليست المرّة الأولى

بالتأكيد، هي ليست المرّة الأولى التي تتعرّض فيها علاقة الحزب وبكركي لخضّة كبيرة، فقد سبق للراعي في بداية العام الجاري أن نقل كلاماً عن أهالي القرى الحدودية المسيحيين في شأن رفضهم “الحرب المفروضة عليهم وأن يكونوا رهائن ودروعاً بشرية وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، ولثقافة الموت التي لم تجرّ سوى الانتصارات الوهمية”. وتبنّي الراعي لكلام أهالي القرى المسيحية أدّى إلى هجمة من مناصري الحزب على بكركي أدّت إلى توتّر كبير بين الطرفين لن ينتهي فعليّاً ما دامت جبهة الجنوب مفتوحة، وقد وصل الأمر حدّ إلباس مناصري الحزب البطريرك الراعي البزّة العسكرية لجنرال إسرائيلي!

إقرأ أيضاً: لا مبادرة فاتيكانيّة وتكتّمٌ على “معطّلي” الرّئاسة!

كما سبق للراعي بعد مرور خمسة أشهر على حرب غزة أن خاطب “أمراء الحروب المتعطّشين للدماء” قائلاً: “لا تعتقدوا أنّكم أقوياء بأسلحتكم، بل أنتم أضعف الضعفاء”، مؤكّداً أنّ “السلام الإلهيّ لا يسمح باللجوء إلى الحرب بقرار شخص أو حزب أو فئة من المواطنين، بل قرار الدولة في الحالات القصوى”.

اترك تعليق