لن تكون جلسة مجلس الوزراء المقبلة عاديّة في سياق مسار تصريف الأعمال. فقد علِم “أساس” أنّ الجلسة قد تحسم الجدل بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون حول نتائج امتحانات الكليّة الحربية عبر تجاوز توقيع وزير الدفاع مرّة جديدة، بعد قرار تعيين رئيس أركان، وذلك “بغية إنهاء الظلم اللاحق بطلاب الحربية”، وفق مصادر وزارية. وهو ما يعني تكفّل الحكومة عبر صيغة قانونية تتولّاها الأمانة العامّة لمجلس الوزراء بإصدار نتائج الناجحين في الامتحانات وعددهم 118، بدلاً من وزير الدفاع!
كما أشار “أساس” في المقال المنشور بتاريخ 22/6/2024 تحت عنوان “هل تصدر نتائج الحربية بقرار من الحكومة؟”، يزمع مجلس الوزراء وضع يده على الملفّ بعد تزايد الضغوط لحسم الملفّ، وآخرها الكتاب المرسل من قيادة الجيش إلى رئاسة الحكومة طالباً منها التدخّل، وعظة البطريرك بشارة الراعي الأحد الماضي التي دعا فيها إلى “حماية حقوق المقبولين من المرشّحين حيث لا تلاميذ في الكليّة للسنة الثانية على التوالي”، متسائلاً “كيف ندعو الشباب للانضمام إلى الدولة ونقفلها بوجههم؟”، داعياً إلى فتح “الكليّة الحربية كي لا يكون هناك شغور أعظم من سدّة رئاسة الجمهورية”.
علِم “أساس” أنّ الجلسة قد تحسم الجدل بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون حول نتائج امتحانات الكليّة الحربية عبر تجاوز توقيع وزير الدفاع مرّة جديدة
وفق المعلومات، هذه الفقرة تحديداً في عظة البطريرك أتت بناءً على طلب قيادة الجيش التي ترفض بالمطلق فتح دورة ثانية “ترفع عدد المنتسبين إلى الكلّية الحربية وتحسّن من مستوى المتقدّمين إليها”، كما يطالب وزير الدفاع. لذلك لجأ قائد الجيش إلى رئاسة الحكومة وبكركي من أجل “المؤازرة”.
زيادة الشّرخ
جلسة مجلس الوزراء المقرّرة، كما علم “أساس”، الثلاثاء المقبل ستؤدّي بالتأكيد إلى زيادة الشرخ بين الوزير و”القائد” وستشكّل سابقة لم تشهدها المؤسّسة العسكرية في تاريخها.
لكنّ المدافعين عن هذه الخطوة يغلّفونها بإطار “الضرورة القصوى” رفعاً للغبن والظلم عن المرشّحين الناجحين وحفاظاً على هرميّة الجيش والحاجة الماسّة إلى التطويع ولأنّ مجلس شورى الدولة في قراره الثاني في شأن نتائج الكلية الحربية أكّد أنّ سلطة وزير الدفاع بإعلان النتائج هي سلطة مقيّدة، وقراره يقتصر على إعلان النتيجة التي وافق عليها المجلس العسكري، وهي ليست مصادقة على النتائج إنّما نشر لها، وأنّ الطبيعة الإعلانية لهذا القرار لا تنفي وجوب إصداره، ولا تسمح بالالتفاف على قواعد الصلاحيّة التي نصّ عليها المشرّع.
كما أكّد “الشورى” أنّ “ما عبّر عنه وزير الدفاع من أسباب لرفضه إعلان النتائج لا يعفيه من الموجب المُلقى على عاتقه بإعلان النتائج”.
جلسة مجلس الوزراء المقرّرة، كما علم “أساس”، الثلاثاء المقبل ستؤدّي بالتأكيد إلى زيادة الشرخ بين الوزير و”القائد” وستشكّل سابقة لم تشهدها المؤسّسة العسكرية
لكنّ وزير الدفاع أدار ظهره لقرار “الشورى” كأنّه لم يكن، وردّ بالحجّة القانونية والعسكرية على كتاب من رئاسة الحكومة دعته فيه إلى الأخذ بقرار الشورى أو إيجاد صيغة تراعي الأنظمة والقوانين.
سليم: مصلحة المؤسّسة أوّلاً
المقرّبون من وزير الدفاع يؤكّدون أنّ قرار الشورى أتى على قياس بعض الرغبات، وأنّ منطلقات الوزير في شأن تعيين رئيس الأركان ونتائج الكلّية الحربية هي قانونية ومنطقية وتراعي مصلحة الجيش قبل أيّ أمر آخر لأنّه ابن المؤسّسة ولا يعمل إلا بما يخدم مصلحة العسكر والضبّاط. ولن يقبل إطلاقاً أن يكون شاهد زور على ممارسات تسيء إلى المؤسّسة وتشكّل تطاولاً على صلاحيات وزير الدفاع.
تقول مصادر مطّلعة في هذا السياق إنّ “رئاسة الحكومة بعدما أخذت المبادرة بتعيين رئيس الأركان بناءً على دراسة قانونية لوحظ تراجعها في الآونة الأخيرة إلى الخطوط الخلفية من أجل تخفيف التصويب عليها وإفساحاً في المجال أمام تقريب وجهات النظر بين الوزير والقائد، لكنّ “المُشكِل” بين الجنرالين تطوّر ولم يعد بالإمكان السكوت عن أزمة طلاب الحربية بعد رفض وزير الدفاع المطلق للتوقيع على إعلان النتائج لأسباب عدّة سبق أن أعلنها، وخصوصاً بعد مناشدة قيادة الجيش والبطريرك الراعي.
ستكون وزارة الدفاع أمام واقع غير مسبوق، فالوزير سليم لا يعترف برئيس الأركان وقائد الجيش لا يعترف بالتمديد للّواء صعب الذي يُحال إلى التقاعد في أيلول المقبل
هكذا ستتجاوز الحكومة مجدّداً توقيع الوزير سليم من دون أن تُعرَف الصيغة القانونية التي ستبيح ذلك ولا التداعيات القانونية لإعلان الحكومة، نيابة عن وزير الدفاع، نتائج امتحانات الكليّة الحربية.
تراكم الخلافات
هكذا تتراكم المسائل الخلافية بين وزير الدفاع وقائد الجيش. فبعد تعيين الحكومة رئيس الأركان حسّان عودة وترقيته إلى رتبة لواء وتقديم وزير الدفاع طعناً بقرار مجلس الوزراء قام الأخير في حزيران الماضي بالتمديد لعضوَي المجلس العسكري اللواء بيار صعب واللواء محمد مصطفى استناداً إلى القانون الذي تمّ بموجبه التمديد لقائد الجيش.
بالتأكيد، ستكون وزارة الدفاع أمام واقع غير مسبوق، فالوزير سليم لا يعترف برئيس الأركان وقائد الجيش لا يعترف بالتمديد للّواء صعب الذي يُحال إلى التقاعد في أيلول المقبل، وسيعتبره العماد عون بعد هذا التاريخ “عميداً متقاعداً” غير مخوّل دخول مكتبه في اليرزة، وقد سبق له أن خفّف عدد عناصر المواكبة المخصّصة له باعتبار ذلك من صلاحيات القائد، مع العلم أنّ اللواء مصطفى يُحال إلى التقاعد عام 2027 ومَنَحَه التمديد عاماً إضافياً.
هكذا ستتجاوز الحكومة مجدّداً توقيع الوزير سليم من دون أن تُعرَف الصيغة القانونية التي ستبيح ذلك
الحكومة تتدخّل مجدّداً
هنا دخلت الحكومة مجدّداً على الخطّ، إذ أرسلت الأمانة العامّة لمجلس الوزراء كتاباً إلى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، لإبداء رأيها في قرار الوزير التمديد لصعب ومصطفى ومن يشملهم القانون الرقم 317 الذي مدّد بموجبه مجلس النواب للعماد عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري.
في هذا السياق، تقول مصادر قانونية لـ “أساس”: “في حال اعتبرت “هيئة التشريع” قرار الوزير غير قانوني يمكن أن لا يأخذ به الأخير لأنّ قرارات “الهيئة” غير إلزامية، لكن بموجب قانون وزارة العدل يجب على المؤسّسة المعنية بقرارات “التشريع والاستشارات” أن تبرّر سبب رفضها الالتزام بقرار الهيئة”.
من الجيش إلى الدّاخلية
كذلك، ثمّة مسألة عالقة وحسّاسة بين وزيرَي الدفاع والداخلية وقيادة الجيش ورئاسة الحكومة. ففي 10 تموز الحالي يُحال مدير العمليات في الجيش العميد جان نهرا إلى التقاعد وهو كان من الأسماء المطروحة سابقاً لقيادة الجيش ومعروف بكفاءته العسكرية والعملانية.