لبنان أمام مخاطر كبرى

قرابة 400 شهيد وجريح حصيلة مجزرتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أمس. واحدة في مخيم للنازحين في منطقة المواصي بخان يونس، والثانية في مصلّى بمخيم الشاطئ. وكعادتها في الإجرام تحاول إسرائيل تبرير مجازرها بمزاعم استهداف قيادات في المقاومة، اذ زعمت أمس أن قصفها لمنطقة المواصي استهدف تحديدا قائد كتائب القسام محمد ضيف ونائبه رافع سلامة، وهو ما نفته كتائب القسام.

وإذا كانت وصمة اللاإنسانية تطبع كل ما يقوم به العدو الإسرائيلي، فإن وحشيته أمس فاقت نفسها في مدى الازدراء بحياة الناس، والقتل الجماعي. رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي تحدث مساء عن قصف المواصي من دون أن يقدم دليلا على وجود الضيف وقت القصف، قال إنه لا يعلم مصير قائد القسام، مكررا “أن الحرب ستنتهي فقط عندما نحقق كافة أهدافها ولن نوقفها قبل ذلك بثانية واحدة”، ناسفاً بذلك كل المساعي المفترضة لوقف النار.

وفي لبنان الذي يعيش الذكرى الثامنة عشرة لحرب تموز ٢٠٠٦، على وقع الإعتداءات الإسرائيلية على القرى والبلدات الجنوبية مخلفة المزيد من الشهداء والجرحى والدمار، فقد حيّا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط الصمود في غزة وفي جنوب لبنان مضيفاً “ما يجري اليوم يتطلب منّا الوقوف معاً بوجه تحديات المرحلة المصيرية على الوطن ومستقبله، وعدم مقاربتها بمزيد من الانقسامات”.

الباحث والمحلل الفلسطيني حمزه بشواتي علّق لجريدة” الأنباء” الإلكترونية على واقع ما يحصل في غزة، فأشار إلى أن مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن خلق احساساً لدى “حماس” وكل الفصائل الفلسطينية أن هناك رغبة لإنزال رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو عن الشجرة والدخول بصفقة تؤدي الى هدنة مستدامة مقسمة على ثلاثة مراحل، كما ذُكر في الاعلام، لكن في المقابل فإن نتنياهو لا يمكنه الذهاب الى صفقة دون تحقيق “إنجاز” له ولو تكتيكي، فهو فشل في رفح رغم ادعائه أنه بحاجة لأسبوعين لإنهاء العملية فيها، وفشل القضاء على أربعة كتائب تابعة لحماس، ومن بين أهدافه كان قائد حماس في غزة يحيى السنوار وقائد كتائب القسام محمد الضيف.

إلا أن بشواتي أكد أن كل المصادر في خان يونس لم تشر لا من قريب ولا من بعيد الى استهداف الضيف، إنما ما روجه الإعلام العبري كان للتغطية على حجم الضحايا من المدنيين، وأضاف: الملفت أن كل ما حكي عن استهداف الضيف لم يخرج ضمن بيانات رسمية إنما نقلاً عن الاعلام العبري، مشيراً إلى أن العدو الاسرائيلي استخدم في قصفه لمواصي قذائف ثقيلة تزن نصف طن، وقد أدى هذا القصف الى مجزرة، ما يعني أن نتنياهو مأزوم جداً، مستبعداً بالتالي التوصل الى هدنة لأن نتنياهو يعتبر أن وقف إطلاق نار كامل وشامل بالنسبة له يوازي 7 تشرين آخر.

وأمام هذا الواقع الواضح حول نيات العدو الإسرائيلي وأفعاله، فإن لبنان أمام مخاطر كبرى تحتّم على المعنيين النزول عن شجرة مواقفهم الرافضة للتلاقي، والتفكير المشترك والجدي في كل ما يجب فعله لحماية لبنان، ولعل أولى الخطوات إنهاء الشغور الرئاسي.

اترك تعليق