دعت جامعة ريتشمان في “هيرتسيلا” الإسرائيلية أكثر من 100 خبير عسكري وسياسي إلى دراسة الوضع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل وإعداد تقرير يتضمّن اقتراحات سياسية وعسكرية تُقدَّم إلى الحكومة الإسرائيلية. أنجزت المجموعة الدراسة بالفعل، ووضعت التقرير وفيه مقارنة بين الوضع الحالي والوضع الذي كان سائداً في عام 2006 عندما قام الجيش الإسرائيلي بحربه المدمّرة على لبنان. فإلامَ خلص التقرير؟
يقول التقرير إنّه في عام 2006 كان الحزب يملك 15 ألف قذيفة صاروخية لا يتجاوز مداها عشرين كيلومتراً، أي أنّ المدن الإسرائيلية الكبرى، وخاصة حيفا، كانت في مأمن من هذه القذائف.
يقول التقرير أيضاً إنّ قذائف الحزب أدّت إلى مقتل 53 إسرائيلياً على مدى 120 يوماً، وإنّها دمّرت ألفَي بناية، جزئياً أو كلّياً. إلا أنّ الوضع مختلف هذه المرّة حسب ما يقول التقرير أيضاً. فالحزب أصبح يملك أكثر من 120 ألف صاروخ وقذيفة صاروخية يصل مداها حتى تل أبيب وما بعدها، وتتمتّع هذه القوّة الصاروخية بقوّة تدميرية كبيرة وبقدرة فائقة على إصابة الهدف.
في تقرير آخر وضعه رئيس “مؤسّسة الطاقة الشمسية” في إسرائيل “نوغا شاوول غولدشتاين” في العشرين من شهر حزيران الماضي، ورد تأكيد إلى حدّ الجزم أنّ أجهزة توليد الطاقة تقع في مرمى صواريخ الحزب. وهو ما يعرّض إسرائيل لخطر الوقوع تحت الظلام في أيّ حرب مقبلة. ويقول التقرير إنّه إذا استمرّ الظلام 72 ساعة فإنّ الحياة في إسرائيل تصبح مستحيلة. لذلك “لسنا مستعدّين لحرب حقيقية. إنّنا نعيش في عالم خياليّ”.
في عام 2006 كان الحزب يملك 15 ألف قذيفة صاروخية لا يتجاوز مداها عشرين كيلومتراً، أي أنّ المدن الإسرائيلية الكبرى، وخاصة حيفا، كانت في مأمن من هذه القذائف
دراسة جديدة: جيش إسرائيل مُنهَك
إضافة إلى هذين التقريرين صدرت دراسة عن حالة الجيش الإسرائيلي بعد العدوان على غزة. تقول الدراسة الإسرائيلية إنّ الجيش متعب ومستنزف، ويحتاج إلى ستّة أشهر لإعادة بنائه وتأهيله. وهذه الفترة الزمنية ضرورية أيضاً لإعادة ترميم العلاقات بين إسرائيل وحلفائها (خاصة في الولايات المتحدة). ولذلك يرى واضعو التقرير أنّ إسرائيل بحاجة إلى تسوية ما تجنّبها الصدام العسكري مع الحزب، الذي يمكن أن يتحوّل إلى حرب مفتوحة.
مع ذلك تبدي إسرائيل اطمئناناً إلى أنّ الولايات المتحدة لن تتخلّى عن الدفاع عنها، وأنّها مع دول أوروبية أخرى سوف تبادر إلى التصدّي للصواريخ والقذائف التي تستهدفها، كما فعلت في شهر نيسان الماضي عندما أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ والقذائف الصاروخية على إسرائيل ردّاً على قصف مقرّ السفارة الإيرانية في دمشق.
لكن مع هذا الاطمئنان الإسرائيلي هناك تخوّف من أن لا تذهب الولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك بأن تستهدف مواقع إطلاق هذه الصواريخ في لبنان. ذلك أنّ الولايات المتحدة في الحسابات السياسية الإسرائيلية لا ترغب في الدخول في حرب مع إيران.. لأنّ ضرب الحزب هو بمنزلة ضرب لإيران.
من هنا تبدو الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية أكثر من جبهة غزة قدرة على تفجير حرب إقليمية. وهي حرب تحاول الولايات المتحدة تجنّبها حرصاً منها على عدم تحويل الاهتمام والإمكانات العسكرية والسياسية من أوكرانيا إلى جنوب لبنان.
تبدي إسرائيل اطمئناناً إلى أنّ الولايات المتحدة لن تتخلّى عن الدفاع عنها، وأنّها مع دول أوروبية أخرى سوف تبادر إلى التصدّي للصواريخ والقذائف التي تستهدفها
جنود إسرائيل “مختبئون” حتّى الآن
خلال الاشتباكات بين قوات الحزب والقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، تمكّن الحزب من إسقاط سبع طائرات إسرائيلية مسيّرة من الحجم الكبير والمتطوّر. وقد سبّب ذلك صدمة لإسرائيل لأنّه شكّل دليلاً على مدى تطوّر الإمكانات القتالية للحزب التي تنتشر الآن في الجنوب والبقاع. صحيح أنّ الإصابات بين العسكريين الإسرائيليين كانت محدودة، إلا أنّ العسكريين الإسرائيليين أنفسهم يعزون ذلك إلى أنّ عناصر القوات الإسرائيلية في الجبهة اللبنانية يلتزمون حتى الآن مخطّط الدفاع. وهم محصّنون في الملاجئ والمخابئ. لكن إذا تغيّر الأمر من الدفاع إلى الهجوم، فإنّ العسكريين الإسرائيليين سوف ينكشفون ويصبحون أهدافاً أسهل للإصابة، وهو ما كشفته الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة.