تتسارع التطورات أوروبياً في ملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وبدأت المحاسبة تطاول مصارف سهّلت وغضّت الطرف عن عمليات مشبوهة، كان يقوم بها الحاكم وشركاؤه عبر حسابات مفتوحة لديها. وفي هذا السياق، فرضت هيئة تنظيم القطاع المالي في لوكسمبورغ عقوبات مالية على مصرف BGL BNP Paribas وصلت إلى نحو 3 ملايين يورو لعدم التزام المصرف بالقواعد المهنية المفروض اتّباعها في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وإلى العقوبات المالية، تستمر التحقيقات الجنائية مع موظفين اثنين كان يعملان سابقاً في المصرف، يواجهان «اتهامات خطيرة» و«ستكون لها بالطبع عقوبات من نوع آخر» بحسب ما ذكر موقع يديره صحافيون في لوكسمبورغ.هذا الأمر أحدث خضة في الدولة الأوروبية ولا سيما لناحية الارتدادات السلبية على سمعتها. ففيما تحدّث وزير المال جيل روث عن تعاون إيجابي من قبل المصرف منذ ثلاث سنوات مع بدء التحقيقات القضائية إلى اليوم، لا يمكن إسقاط مسألة حماية المصرف لعميل أو عملاء مكشوفين سياسياً من دون التدقيق في تحويلاتهم أو سؤالهم عن مصدرها، إذ لطالما تعامل سلامة مع لوكسمبورغ على أنها مركز لتبييض الأموال، ودأب على تحويل الأموال إلى حسابات خاصة في بعض مصارفها لسنوات عدة ثم استخدمها لشراء عقارات في أوروبا بسهولة تامة. ومنذ عامين، داهمت وحدة شرطة مكافحة تبييض الأموال في لوكسمبورغ مقرات 3 شركات يملكها سلامة (BR 209 Invest SA وStockwell investissement SA وFulwood Invest) يشتبه بأنه استخدمها لتحويل نحو 100 مليون دولار من لبنان وعمد إلى تبييضها عبر شراء عقارات في أوروبا، خصوصاً في ألمانيا وبلجيكا وفرنسا، وكذلك بريطانيا حيث صودرت بعض المستندات التي تخدم التحقيق. وتبيّن أن جزءاً كبيراً من هذه العمليات كان يتم عبر الحسابات المالية المفتوحة في مصرف BGL BNP Paribas الذي تعود علاقة سلامة به إلى عام 2008، علماً أن المصرف نفسه أجرى مراجعة لكل حسابات سلامة عام 2015 وخرج بخلاصة تشيد بـ«مهنية» الحاكم السابق و«مهاراته الاستثنائية» في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي في لبنان. ورأى المدير التنفيذي للبنك يومها أن مصدر ثروة سلامة لا يشكّل مصدر قلق ولا داعيَ للخوض أكثر في هذه المسألة نظراً إلى «نزاهته». ويبدو أن علاقة «الثقة» المتبادلة بين سلامة والمصرف سهّلت للأول القيام بكل العمليات المشبوهة من تحويل الأموال إلى استخدامها عبر شركات لشراء شقق إلى فتح حسابات مالية في المصرف لمقرّبين منه. فخلال تحقيق القاضية الفرنسية أود بوروزي مع مستشارة الحاكم ماريان الحويك أكدت الأخيرة أنها استخدمت شركة «رايز إنفست» لتحويل أموال عبرها إلى مصرف BGL BNP Paribas في لوكسمبورغ بهدف «شراء شقة في باريس حيث يوجد فرع للمصرف نفسه هناك». وأكدت أن سلامة «ساعدها في ذلك وكان له التأثير الأكبر في هذا القرار، إذ عرّفها إلى شخص توكّل إدارة حسابها في لوكسمبورغ».
والحويك ليست الوحيدة التي قامت بعمليات تبييض أموال في لوكسمبورغ، إذ قام بالأمر نفسه أيضاً نجل سلامة نادي وشقيقه رجا وصديقته آنا كوزاكوفا، وقد أقدمت سلطات لوكسمبورغ على حجز الأصول المسجّلة في حسابات الشركات التي يملكونها ولا تزال، علماً أن الحجز طاول حسابات مصرفية في مصرف JULIUS BAER EUROPE SA لصالح شركة stockwell investissement SA التي أسّسها سلامة أيضاً وترتبط مباشرة بشركة bet sa المؤسّسة في لوكسمبورغ أيضاً وصاحبة الحق الاقتصادي فيها آنا كوزاكوفا. غير أن السلطات القضائية لم تتخذ أي إجراء بحق هذا المصرف بعد. والأمر الأكثر إثارة للسخرية هنا، يكمن في بدء الدول الأوروبية بمحاسبة المتواطئين مع سلامة المطلوب على لائحة الإنتربول، فيما على المقلب اللبناني كان المدّعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار يبطل قرار القاضية غادة عون القاضي بمنع سفر رئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين لعدم تجاوبه مع الطلبات القضائية في ما يتعلق بشركة «أوبتيموم إنفست» ومصرف لبنان، داعياً الأجهزة الأمنية إلى عدم الالتزام بقرارها، وهو ما سيشجع المصارف التي أعلنت سابقاً رغبتها بالتعاون على التراجع طالما أن الحجار متمسك بإبطال كل قرارات عون، القاضية الوحيدة التي لا تزال تحقق في مخطط رياض سلامة الاحتيالي وسرقة أموال المودعين.
أمن و قضاء عقوبات في لوكسمبورغ على مصرف سهّل جرائم سلامة