وضعت حادثة مجدل شمس المنطقة على حافة حرب، يتفادى الجميع منذ بداية العدوان على غزة الانزلاق إليها، فيما يرغب العدو الإسرائيلي باستثمار الحادثة لتوجيه ضربة إلى لبنان من دون رد من المقاومة التي أكدت لكل من يعنيه الأمر أن الردّ سيكون بحجم الاعتداء حتى لو أدى ذلك إلى قلب الطاولة في وجه الجميع. وهو ما استنفر عواصم القرار التي كثّفت مساعيها لحث العدو على تنفيذ رد «مدروس»، محاولة في الوقت نفسه انتزاع التزام من حزب الله بابتلاع الضربة، إذ تواصلت الاتصالات السياسية والدبلوماسية في سبيل احتواء التوتر الشديد ومنعاً لتطور المواجهة. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري تلقّى اتصالات من مسؤولين أميركيين والمبعوث الأميركي عاموس هوكشتين «جدّدوا فيه الدعوة إلى ضبط النفس وعدم الرد على أي ضربة»، فيما أكّد رئيس المجلس أن «لبنان لا يريد الحرب لكن لا ضمانات ولا تعهدات بقبول أي اعتداء على لبنان». كما تلقّى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي «جدّد دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس منعاً للتصعيد».وفي موازاة الاتصالات الدبلوماسية توالت إجراءات الدول الخارجية في إطار التحسب لما هو آتٍ، ففيما نصح المتحدث باسم الحكومة الألمانية «رعايا ألمانيا بمغادرة لبنان بشكل عاجل»، حثّ وزير الخارجية الإيطالي «رعايا بلاده على مغادرة لبنان» أيضاً، وقال نائب رئيسة الوزراء وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني إنه تحدّث مع نظيريه اللبناني عبدالله بو حبيب والإسرائيلي يسرائيل كاتس، وأكّد أنه «من الممكن وقف دوامة العنف في الشرق الأوسط، والحكومة ملتزمة بالسلام والاستقرار أيضاً من خلال الوحدة الإيطالية في مهمة التدخل التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفل) والتي طلبت حمايتها». أمّا السفارة الأميركية في بيروت، فنصحت رعاياها الذين لم يغادروا لبنان بالاستعداد للبقاء في أماكن وجودهم لفترة طويلة. فيما أعلنت الخارجية الأميركية أن ليست لديها أي خطط حالية لإجلاء المواطنين الأميركيين من لبنان.
البيت الأبيض «واثق» من إمكانية تجنّب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله
وقالت مصادر أمنية إن «سفارات الدول في بيروت بدأت بتفعيل خطط الإخلاء التي كانت قد وضعتها مع بداية الحرب لترحيل رعاياها في حال اندلاع الحرب، والتي تضمنت رصداً للطرقات التي يمكن سلوكها والمطارات العسكرية والموانئ الصغيرة للخروج في حال إقفال مطار بيروت الدولي»، مشيرة إلى أن «الوضع خطير استناداً إلى السلوك الأميركي الذي لم يصل ولا مرة إلى هذه المرحلة من التحذير، إذ إن السفارة كانت تكتفي سابقاً برفع مستوى التحذير لكن ليس بالشكل الذي تقوم به حالياً».
وفي موازاة التهديدات الإسرائيلية توالت التصريحات الدولية المحذّرة من الضربة، إذ أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية، بأن الرئيس مسعود بزشكيان أبلغ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي بأن أي «هجوم إسرائيلي محتمل على لبنان ستكون له عواقب وخيمة». وبينما قال البيت الأبيض إنه «واثق» من إمكانية تجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله»، صرّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي في اتصال مع الصحافيين «لا أحد يريد حرباً أوسع نطاقاً، وأنا واثق من أننا سنكون قادرين على تجنب مثل هذه النتيجة»، مؤكداً أن «دعم بلاده لإسرائيل راسخ في وجه كل التهديدات ولا نطلب منها التسامح مع أي تهديد ونترك لها الحديث عن طبيعة ردّها».
كما سُجلت حركة لافتة من وسائل إعلام غربية «تواصلت مع أجهزة أمنية وبدأت تحضيراتها للتواجد في عدد من المناطق تحديداً، صيدا وصور والنبطية» تحسباً للضربة المحتملة.