النار المشتعلة في لبنان والمنطقة وتداعياتها المصيرية على جغرافيات الدول لم تمنع بعض الاطراف الداخلية بالتحضير للانتخابات الرئاسية الضائعة ولو بطريقة التصويب عن بعد إنما من خلال إصابات واضحة أصابت جسم التيار الوطني الحر وربما لاحقا غيره من الاحزاب والتيارات ، فالإستقالات أو الإقالات من التيار الوطني ليست بريئة كما يوضح قيادي كبير فيه ليصل الى الاستنتاج أن هناك جهات دخلت على بعض النواب رسمت ” لهم طريقا” للخلاص من الفراغ من جهة ولتصغير كتلة “لبنان القوي” الى الحد الذي لا تكون لها كلمة الفصل أو فاعلا كبيرا في الانتخابات .
ولتوضيح الصورة بشكل أكبر يرى هذا القيادي أن الاستقالات التي حصلت على خلفية مفردات “التفرد واّحادية القرار ” أصحابها غير مقتنعين بها ذلك أن كافة النواب والقيادات تتململ من كثرة المناقشات والاخذ والرد حول أي موضوع يطرحه رئيس التيار النائب جبران باسيل وهذا الامر معروف من قبل الجميع ، وإذا كان السبب أن باسيل لديه طائرة خاصة ويخت في البحر وعلى هذا الاساس بدأت عمليات التململ فهذا الامر غير صحيح ليتبين أن بعض من رحلوا عن التيار تبين أن لديهم أموال أو ربما فيما بعد !! حسنا فما هي الاسباب الجوهرية التي أدت الى الرغبة في الاستقالة أو التذمر والتنمرد في هذا الوقت بالذات سبيلا للرحيل ؟؟
هذا القيادي يضع الامر في خانة “خطة” مبرمجة من خارج التيار وقع فيها بعض النواب إما عن سابق تصور وتصميم أو التماهي مع هذه الخطة من خلال “الزعل” من باسيل أو لمعرفة البعض انهم لن يكونوا على لوائح التيار ، فالنائب سيمون أبي رميا يعي تماما وبصورة كلية أن التيار لم يكن مغرما به في الدورة النيابية السابقة ولا يريد ترشيحه الذي جاء في اّخر يومين وأن مسألة عودته الى المجلس النيابي مستحيلة بغض النظر عن عدم تسميته مرشحا للتيار ، لكن هناك إعتقاد خاطيء (وهذا ما سيتم تفصيله لاحقا) أن أصوات الشيعة في جبيل سوف تصب لصالحه ، لكنه يدرك أن هذا المقعد بالذات يستلزم أبرام إتفاق شيعي مع جهة فاعلة في المنطقة وهي التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية والاخيرة مستبعدة حتى الساعة ، حسنا ولكن ما الذي فعله وما الربح الذي جناه ؟ هل بإنضمامه الى تكتل مسيحي جديد ؟ وهذا ايضا لن يقدم له أي جديد !! فإلى أين المفر ؟؟ الجواب للقيادي نفسه أن ابي رميا يريد أن يتماهى مع ما تم الطلب منه .
والسؤال : من هي الجهة التي إستطاعت أن تقنع بعض النواب بالذهاب بعيدا عن ميشال عون بالذات ؟ يقول القيادي التالي :
– إن القوات اللبنانية غير قادرة على إستجلاب نواب التيار ووضعهم خارج حزبهم لاعتبارات عديدة ،فلا القواتي يتقرب من التيار والعكس صحيح .
– الكتائب اللبنانية بالكاد تستطيع تجميع حواصل لأربعة نواب وواحد منهم فاز باصوات النائب نعمة افرام في كسروان !!
– يبقى أن “شركاء الوطن” للتيار الوطني الحر (القدامى) هم القادرون وحدهم على القيام بهذا الامر على خلفية إمساكهم أقله بالساحة الداخلية ، والمسألة ليست بحاجة الى أحجية أو حزازير فحزب الله بإستطاعته رسم الخريطة وحده لعرضها فيما بعد على الرئيس نبيه بري والعكس صحيح الذي وإن كان النائب باسيل قد إقترب منه بعض الاشواط لكن المصلحة الاستراتيجية لحزب الله تقضي بالقفز فوق هذا التقارب ما دام لديه أهداف داخلية يريد الانتهاء من صياغتها لإنشغاله بالملف الاقليمي ، ووفق معلومات هذا القيادي ان موقف باسيل من الحرب الدائرة في الجنوب وإنتقاده لفتح جبهة لإسناد غزة دفع بالحزب الى جعل باسيل يدفع ثمن مواقفه من خلال “تزحيط ” بعض نواب التيار من داخله والإيحاء أن رئيس التيار من المستحيل التعاون معه ، وهذا ما حصل بالفعل وبقدرة قادر بدأت المسبحة تكرّ بالرغم من كون المستهدف صاحب أتفاق مار مخايل أي العماد ميشال عون والذي من خلاله كان لحزب الله غطاء” مسيحيا طوال عشرات السنوات بكلفة عالية … ولكن يبدو أن حزب الله وسياسته المعتمدة مؤخرا يتم فيه تفضيل حرب الإسناد لغزة ولو على حساب ميشال عون وجبران باسيل على حد سواء ، ولا شك ان عون وباسيل منزعجان بشدة مما يجري ولا يستبعد أن يقلبوا الطاولة في الوقت المناسب .
– ويبقى النائب الياس أبو صعب الذي يتموضع منذ دعم التيار الوطني والاستقتال من أجله للمجيء به نائبا لرئيس المجلس لدى الرئيس بري وهو لم يقعد جالسا منذ اليوم الاول لا على كرسيه في التكتل ولا ثابتا في مواقفه ولم يستطع تقبل فكرة ترؤس باسيل للتكتل … فإستقتل الرجل للاقتراب أكثر من بري وأصبح ” جليس عين التينة” ، ومن هناك يصبح توزيع الادوار يمرر بسهولة أكبر وهشاشة غير ملحوظة ، ولا شك ان هذا القيادي يٌفصح أنه في اللحظة التي إبتعد فيها أبو صعب عن التيار أصبحت الامور واضحة وأحسّ من في داخل التيار أن هناك شيئا تغير لناحية استسهال الخروج من الحزب حيث يلعب أبو صعب دورا هاما في ” حركشة ” النواب ، ومن كانت لديه النية بالاعتراض على السياسة الداخلية للتيار صار كلامه يمر فوق السطوح ، إنما هناك نواب باقون حتى الساعة كانوا في عداد الدائمين الاّمنين المخلصين للجنرال عون لكنهم بشكل مفاجيء تم طرح السؤال حول رحيلهم أم لا !! وما زال الوضع معلقا للايام القلية المقبلة وعليهم درس خطواتهم وقياسها بالميلمتر لأن أي زحطة سوف تكون مكلفة للغاية ويكفي هؤلاء التطلع حصرا لدائرة المتن الشمالي وإمكانية التأقلم مع رفاق جدد وحلفاء مفترضين يمكن أن تأتي الطعنة من الخلف من أقرب المقربين منهم ، ويختم القيادي في التيار بأن الحزب في وضعية أوضح ، والغربلة وصولا الى التنخيل ليست عاطلة ذلك أن الهوى شريك العمى فيما العقلانية ومصلحة لبنان سوف تنتصر … وبعد بكير كتير على إحساس من رحلوا أن الخسارة سوف تكون كبيرة كما حصل سابقا منذ الاتفاق الرباعي .
موقع “الجريدة نيوز” الناشر ورئيس التحرير : عيسى بو عيسى