تعنت إسرائيلي

أسبوع آخر من الانتظار على خشبته عُلَّق لبنان الذي يتابع بحذر وترقب وقلق مسار المفاوضات الجارية حول صفقة وقف إطلاق النار في غزة، والهبات الساخنة فيها اكثر من الباردة، إذ قال مصدر سياسي بارز لـ”الجمهورية” ان طريق الوصول إلى هذه الصفقة “صعب جدا ومليء بالمطبات”، واضاف: “نحن نعلم حاليا ان الأمور صعبة جدا لكن ما يصلنا من أصداء ومعطيات هو ان العمل مستمر وبقوة لتذليل النقاط العالقة والمفاوضون لا يكترثون كثيرا للمواقف، لان المهم بالنسبة اليهم هو الخواتيم وطالما ان الطرفين لا يزالان على السمع ويتجاوبان فان إنجاح المفاوضات يبقى الهدف، ولعبة الشروط المتبادلة وتحسين الأوراق تدخل ضمن لعبة التفاوض بغض النظر عما إذا كانت تعجيزية او قابلة للحل”.

وتوقع المصدر “ان تبقى الحال على جبهة الجنوب على ما هي عليه مع اشتداد في الميدان وتوسيع مضبوط في قواعد الاشتباك هذا على صعيد جبهة الإسناد التي تلقت أمس رسالة من “حماس” تدعو الى “فتح باب خيبر من جديد”. أما رد حزب الله المنتظر على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، فلا احد على الإطلاق يعرف طبيعته وتوقيته، وهو منفصل تماما عن كل ما يجري ويدرس بدقة بالغة لدى قيادة الحزب”. وعما إذا كان لبنان ينتظر تدفقا دبلوماسيا جديدا لخفض التصعيد قال المصدر: “معركتنا الآن تتركز على موضوع التمديد لقوات “اليونيفيل” حيث يحاول العدوّ تعديل اتفاقية التمديد وتقصير المدة وتغيير الصلاحيات وهذا ما نتصدى له والإيجابية في هذا أننا مدعومون في شروطنا من الأميركيين والفرنسيين والأمم المتحدة.

إلى ذلك، أوضح مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ«الأنباء» ان «فرنسا التي تقود القوات الدولية في لبنان منذ فترة طويلة، تواصل لعب دور أساسي في المشاورات الديبلوماسية من أجل ضمان التمديد لقوات اليونيفيل. وتعمل باريس على بناء توافق دولي يفضي إلى تجديد مهام القوات الدولية دون تعديل جوهري على صلاحياتها، مع التركيز على ضرورة دعم هذه القوات بمزيد من الموارد والتجهيزات لضمان فعالية عملياتها على الأرض».

وأشار المصدر إلى انه «في الوقت الذي تبذل فيه فرنسا جهودها الديبلوماسية، تبرز عقبات وشروط تطرح من قبل بعض الأطراف، لاسيما إسرائيل التي تطالب بإدخال تعديلات على مهام القوات الدولية، بما يسمح لها بحرية أكبر في التحرك داخل المناطق الحدودية اللبنانية، وخصوصا فيما يتعلق بمراقبة أنشطة حزب الله. بينما تصر واشنطن على ضرورة تعزيز دور اليونيفيل في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، لاسيما القرار 1701، وتطالب بتشديد الرقابة على الأسلحة في جنوب لبنان».

وكشف المصدر عن ان «المفاوضات الجارية قد تشهد تعديلا طفيفا في مضمون قرار التمديد بالمقارنة مع القرار الذي صدر العام الماضي. والتعديلات المحتملة قد تشمل تعزيز مهام القوات الدولية من خلال منحها صلاحيات أوسع في مراقبة الأنشطة العسكرية غير الشرعية، وضمان عدم استخدام القوة إلا في حالات الضرورة القصوى. في حين ان فرنسا تحاول ضمان أن تظل هذه التعديلات في إطار لا يعرقل عمل اليونيفيل أو يعرض عناصرها للخطر».

وأكد المصدر انه «لا يمكن فصل المفاوضات المتعلقة بالتمديد لقوات اليونيفيل عن التطورات الإقليمية، خصوصا في ضوء حرب غزة المستمرة. فالتصعيد في قطاع غزة واحتمالية توسيع الحرب على جبهة الجنوب اللبناني، قد يلقي بظلاله على مضمون قرار التمديد. وفي هذا السياق، يخشى أن يؤدي توسيع رقعة الصراع ليشمل الجنوب اللبناني إلى تعقيد مهمات اليونيفيل وإعادة النظر في طبيعة انتشارها وصلاحياتها. كما ان بعض الدول المشاركة في القوات الدولية قد تطالب بتعزيز دور اليونيفيل كضامن للاستقرار على الحدود الجنوبية. بينما قد تسعى إسرائيل إلى استغلال هذا الوضع للضغط باتجاه تعديلات تتيح لها حرية أكبر في التعامل مع التهديدات المحتملة من الجنوب اللبناني. الا ان فرنسا، وكجزء من جهودها، تسعى لضمان أن لا تؤثر التطورات الإقليمية سلبا على مهمة اليونيفيل، وأن يبقى التركيز على تنفيذ مهامها وفقا للقرارات الدولية دون تصعيد أو تعديل جوهري يؤثر على التوازن القائم في المنطقة».

وقال المصدر: «لا شك في أن التحديات التي تواجه التمديد لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان تتطلب تضافر الجهود الدولية للوصول إلى اتفاق يضمن استمرار مهام هذه القوات، مع الأخذ في الاعتبار التحفظات الإسرائيلية والأميركية، ودون المساس بسيادة لبنان أو تعريض الاستقرار في المنطقة للخطر. والأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار هذه المفاوضات ونتائجها على الأرض، خصوصا انها تدار بين أروقة الأمم المتحدة وبعيدا من الاضواء».

اترك تعليق