عشية جولة الفرصة الأخيرة من المفاوضات الحاسمة في القاهرة، شككت مصادر مقربة من «حزب الله» لـ «الأنباء» في تحقيق «أي تقدم مع رفض حركة حماس الخطة القديمة الجديدة التي تتمسك فيها إسرائيل بشروطها». واعتبرت المصادر «ان هذه المحادثات ذاهبة إلى الحائط المسدود».
وأضافت: «حان وقت ردنا (على اغتيال إسرائيل المسؤول العسكري الأرفع في الحزب فؤاد شكر)، وتأخير الرد كان هدفه إعطاء فرصة لمسعى الحل وتجنب الاتهام بعرقلة هذه المساعي، على الرغم من القناعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يسهل المفاوضات، وهو يعلن في كل مناسبة رفضه لأي حل يؤدي إلى وقف للنار في شكل شامل ودائم في قطاع غزة».
وتحدثت مصادر متابعة لـ «الأنباء» عن أن تأخير «حزب الله» للرد، «ليس فقط لإعطاء فرصة للمفاوضات، ذلك انه سبق ان أعلن اكثر من مرة انه لا يمكن ربط الرد على اغتيال القيادي شكر وعدد آخر من المسؤولين الميدانيين وقادة المحاور بمفاوضات غزة، وإنما عزا التأخير إلى أمرين: الأول اختيار الهدف بدقة بما يوازي حجم الاستهدافات التي أصابت الحزب نتيجة اغتيال عدد من قياداته وتجاوز كل الحدود باستهداف بيروت، ما يعني أن الرد سيتجاوز قواعد الاشتباك التي تحكم هذه المواجهات منذ انطلاقها على الحدود اللبنانية في الثامن من أكتوبر الماضي.
والثاني: «اختيار الوقت المناسب لتجنب الذهاب إلى حرب واسعة والدخول في مواجهات لا يمكن وضع سقف لها».
الا ان وقف النار المرجح الوصول اليه في غزة، لا يعني بالضرورة وقفا للنار في لبنان، ذلك ان مسؤولا في «حزب الله» تحدث في حلقة ضيقة «عن احتمال استمرار الوضع الحالي في لبنان كما هو عليه لمدة سنة إضافية».
وأفاد مصدر عسكري لبناني غير نظامي لـ «الأنباء» بأن اشتباكا حصل من مسافة قريبة بين مقاتلين من «حزب الله» ومجموعة من الجنود الإسرائيليين حاولت التسلل إلى حرش حدب عيتا صباح الاثنين، واستخدمت الأسلحة الرشاشة الثقيلة والخفيفة والقذائف الصاروخية. وقال المصدر: لم يتمكن الطيران الحربي الإسرائيلي من مساندة جنوده على الأرض، بسبب قرب المسافة مع المقاتلين اللبنانيين، وخشية تعريض جنوده لـ «نيران صديقة».
وتابع المصدر: «ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الإسرائيليون التوغل بغية إحراق هذا الحرش الذي يشكل لسانا داخل الأراضي الإسرائيلية. وهم يخشون حصول عمليات عسكرية من خلاله في العمق الإسرائيلي بالضفة المقابلة».
وقف النار في غزة، قد يفتح الباب أمام العودة للتصدي للملفات الداخلية اللبنانية المجمدة وفي مقدمتها الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل مفتاح الحل لكل الأزمات المتراكمة، والتي بدأت تتساقط الواحدة تلو الأخرى وتخرج مفاعيلها السلبية إلى العلن، كما حصل في ملف الكهرباء حيث دارت السجالات على أعلى المستويات من دون الاكتراث لدخول البلاد في «العتمة الكهربائية الرسمية الكاملة»، وتداعياتها على الناس بفرض أصحاب المولدات الخاصة تقنينا على المواطنين في عز موجة الحر، من بوابة إراحة المولدات قليلا في الساعات الـ 24 اليومية.
حياتيا، بدا من جولة ميدانية لـ «الأنباء» في المركز الرئيسي لمحافظة النبطية ان مشكلة أخرى سيطول حلها ولو توقفت الحرب: مشكلة تتعلق بنازحين من قرى وبلدات جنوبية إلى منازل في النبطية، فتحت لهم من قبل أصحابها المقيمين في بيروت أو خارج لبنان. «هؤلاء لن يغادروا بيوتنا بعد توقف الحرب. وستطول إقامتهم إلى أجل غير محدد، اذ لا مكان يذهبون اليه، حتى إعادة إعمار بيوتهم المهدمة. وهذا يعني تهجيرا مزدوجا لهم ولنا»، بحسب أحد أبناء مدينة النبطية المقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت، والذي فتح منزله الخاص ومنزل عائلته، فضلا عن منازل إخوته.
كما أمكن ملاحظة الحركة الخفيفة في أسواق المدينة، التي تشتهر عادة بـ «سوق الاثنين»، حيث تمكن قاصدو هذا السوق من ركن سياراتهم مقابل البسطات المنتشرة على الطريق العام.