بعد التسريبات الأميركية غير الصحيحة عن تقدّم في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، ذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» «ان الاجتماع بين وزير الخارجية الأميركية انطوني بلينكن ورئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم ينجح في تقليص الفجوات ولم يُحرز تقدّماً بشأن الصفقة». ونقلت الهيئة عن مصادر في فريق التفاوض: ان تصريحات نتنياهو تهدف إلى إفشال مفاوضات التهدئة في غزة، وهو يعلم أننا في فترة حرجة نعمل فيها على إيجاد حلول لمحور «فيلادلفيا وممر نتساريم». كما نقل موقع «بوليتيكو» الاخباري عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم: ان اتفاق هدنة غزة على وشك الانهيار؟
ووفق ما قالت مصادر دبلوماسية رسمية تتابع ما يجري في الخارج لـ «اللواء»، فإنّ التوصل الى اتفاق نهائي مقبول حول وقف إطلاق النار في غزة بات مستبعداً، نتيجة شروط نتنياهو ومطالبه التعجيزية والتي يدرك سلفا هو و«الوسيط الأميركي غير النزيه» انها ستكون مرفوضة من فصائل المقاومة الفلسطينية.
وقالت المصادر الدبلوماسية لـ «اللواء»: “ان نتنياهو يُضمر في العلن وفي خبايا المفاوضات ترحيل قادة حركة حماس وفصائل المقاومة الى خارج غزة وسحب سلاحها، وهو مصرٌّ على حرب التدمير والإبادة لمنع سيطرة أي جهة فلسطينية حتى السلطة الفلسطينية الرسمية على قطاع غزة وإبقائه عمليا تحت الاحتلال ولو بشكل مقنّع أو بسيطرة امنية مشدّدة على المعابر وعلى دخول المواد الغذائية والطبية”.
وأوضحت المصادر، انه حتى لو تم التوصل الى اتفاق مبدئي أو مؤقت، فإن تنفيذه على مراحل يتطلب على الأقل أربعة اشهر بين تبادل الأسرى ضمن فترات متقطعة وإدخال المواد الصحية والغذائية، وبتّ موضوع السيطرة على المعابر، بعد أن رفض نتنياهو الانسحاب من منطقة فيلادلفيا الحدودية مع مصر، وبقاء قواته معبري رفح في الجنوب ونتساريم في الشمال. وإذا أصرّ نتنياهو على شرطه انسحاب حركة حماس من القطاع وهو أمر لن تقبل به الحركة فقد يتعطّل الاتفاق.
وهنا يُطرح السؤال؟ كيف ستتعامل الإدارة الأميركية وموفدها الى بيروت آموس هوكستين مع الواقع الجديد في حال لجأ العدو الى تصعيد المواجهات؟ وكيف ستفي بوعودها بحفظ استقرار لبنان ومنع تمدد الحرب؟ خاصة بعدما أعلن وزير حرب العدو يوآف غالانت ان تركيز جيش الاحتلال سينتقل من الجنوب (من غزة) الى الشمال (الحدود مع لبنان). ما يعني نيّة العدو الإسرائيلي بتصعيد الموقف أكثر في جبهة جنوب لبنان لتحقيق ما يقوله قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين انه هدف أساسي لهم «بإبعاد مقاتلي المقاومة اللبنانية عن الحدود بالقوة إن لم يكن بالدبلوماسية مسافة أكثر من عشرة كيلومترات».
وحسب مصادر سياسية متابعة، في حال التأكد من إفشال إسرائيل لمفاوضات التهدئة في غزة وتوجّه جيش الاحتلال لتعزيز قواته مقابل الجنوب اللبناني للتفرغ أكثر للمواجهة الأوسع، قد يتم تسريع رد حزب الله على اغتيال الشهيدين فؤاد شكر وإسماعيل هنية، ويصبح الكلام الأميركي والغربي عموماً عن «الحرص على استقرار لبنان والمسعى لتطبيق القرار 1701 من جانبي الحدود لا من جانب لبنان فقط» حبراً على ورق، لأنه لم يكن سوى مزيداً من الوعود الكاذبة في محاولة مكشوفة لتأجيل الرد على اغتيال الشهيد شكر إن لم يكن محاولة إلغائه حفاظاً على أمن الكيان الإسرائيلي من ضربات مؤذية ومؤثرة على الكيان، لا سيما إذا تزامن الرد مع رد إيران على اغتيال الشهيد هنية، ومع إسناد من باقي جبهات المقاومة من اليمن والعراق وربما من سوريا.
وعلى هذا، تضيف المصادر السياسية: في حال فشلت مفاوضات غزة وتوسّعت المواجهات في جبهة الجنوب الى حرب ولو محدودة نتيجة قرار قيادة الاحتلال إقامة شريط أمني داخل لبنان وإبعاد قوات المقاومة عن الحدود، لا يعود هناك أي مبرر لقيام هوكشتاين بأي مسعى جديد مع لبنان في محاولة جديدة للضغط لمنع أي رد على الاغتيالات الإسرائيلية، إذ لن يحمل جديداً حول تهدئة الموقف وحول ترتيب الحدود البرية لأن «المكتوب يُقرأ من عنوانه»، وعنوانه طلب تنازلات من لبنان مقابل وعود «بضمانات» أميركية بوقف التصعيد الإسرائيلي و«تخفيف استهداف العمق اللبناني وخرق الأجواء اللبنانية»، وهي وعود وضمانات لا يمكن تصديقها والركون إليها بعد تجربة تحديد الحدود البحرية التي كذبت الإدارة الأميركية بعدها بشأن تسهيل استخراج النفط والغاز من المنطقة الاقتصادية الخالصة، وتم منع شركة «توتال» الفرنسية من استكمال الحفر والاستكشاف. وقد سمع هوكشتاين ما يكفي من لبنان حول كل اقتراحاته.
لذلك فألأرجح أن لا يزور هوكشتاين لبنان إذا انفجر الوضع مباشرة بعد نعي مفاوضات غزة، وانتقل كيان الاحتلال الى التصعيد في الجنوب، وإذا حصل رد محور المقاومة على الاغتيالات، وقد توكل إليه مهمة أخرى بمحاولة استيعاب التصعيد في كل المنطقة وليس على جبهة لبنان فقط.