دت مصادر حزب الله لـ”المدن” أن ردّه حقق الأهداف المبتغاة عسكرياً، أولاً استهدف الحزب محيط تل أبيب ليثبت معادلته حول استهداف الضاحية. ثانياً، نفذ رداً قوياً بغض النظر عن نتائجه، للقول إنه لا يمكن للإسرائيليين الاستمرار في استباحتهم للأجواء اللبنانية، واختيار التصعيد الذي يريدونه من دون ردّ. حتماً، المسار العسكري يوازيه أيضاً مسار ديبلوماسي غايته منع تفجر الأوضاع. وهذه أيضاً لعبة يجيدها الحزب في مسار المفاوضات. كذلك يعتبر حزب الله أن ردّه جاء بعد تعثّر المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة. ولكن في المقابل، يمكن للردّ أن يكون عنصراً مساعداً في الضغط على الإسرائيليين لإجبارهم على القبول بوقف النار.
وجهة النظر هذه، هناك من ينقضها بقراءة مختلفة لا سيما بالاستناد إلى رهانات أميركية إسرائيلية، تشير إلى أن حجم الردّ وفعاليته، يضعف من موقف حماس في المفاوضات باعتبار أن الحزب لا يريد فتح حرب واسعة للضغط على إسرائيل أكثر، وإجبارها على وقف الحرب، وبالتالي عدم استجابة الحزب للرسالة التي كانت وجهتها حماس الأسبوع الفائت حول ضرورة فتح الجبهات لـ”فتح باب خيبر” وبدء معركة زوال إسرائيل. وعليه، فلا تزال أميركا هي جزء أساسي من المعركة أو في إدارتها، من خلال العمل على ضبط الردود ومنع اتساع المواجهة.
ولكن في ضوء الردّ الذي نفذه الحزب لا بد من تسجيل بعض الخلاصات.
أولها، أن حزب الله أراد القول للإسرائيليين بأنه يريد إبقاء الكلمة الأخيرة لديه، وبالتالي كل استهداف سيُرد عليه باستهداف مواز.
ثانيها، بغض النظر عن وجود أو انعدام رغبة الإسرائيليين في توسيع الحرب والمواجهة مع لبنان، فإنه على الرغم من ادعاء الإسرائيليين بتنفيذ هجوم مسبق ضد الحزب وضد منصات إطلاق الصواريخ، لم يمنع ذلك الحزب من تنفيذ عملياته، وإطلاق الصواريخ والمسيرات إلى العمق الإسرائيلي.
ثالثها، يبقى التحدّي الأكبر أمام إسرائيل، هو عجزها حتى الآن عن استعادة منظومة الردع التي تسمح لها في إعادة السكان إلى المستوطنات الشمالية، بنتيجة عدم القدرة على الحسم العسكري ضد الحزب.
رابعها، إما أن تذهب إسرائيل، بعد وقف النار في غزة، إلى اتفاق سياسي وديبلوماسي برعاية دولية مع حزب الله، يحتفظ بها الحزب بكل قوته العسكرية، بما يتناقض مع كل الادعاءات الإسرائيلية حول إضعاف الحزب وتدمير قدراته.. أو أنها ستكون مضطّرة للدخول في معركة عسكرية كبرى وحرب طويلة لا أحد يعرف نهايتها ونتائجها، بهدف السعي إلى تغيير موازين القوى. علماً أن نتيجة ذلك لن تكون مضمونة.. أو أن تستمر حرب الاستنزاف وتنتقل من جولة إلى جولة بحدودها المضبوطة إلى فترة طويلة أيضاً، لا يمكن التنبؤ بنهاياتها.