تبقى العيون شاخصة إلى بكركي في كل الأزمات السياسية والدستورية والوطنية، ولهذه الغاية أنشأ الصرح البطريركي لجنة لمتابعة الشؤون الوطنية في هذه المرحلة المفصلية. فبكركي تواكب ما يجري، وثمة تواصل مع الجميع بمن فيهم عين التينة و”حزب الله” من أجل إبقاء الخطوط مفتوحة بين سيد الصرح وكل من الحزب ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على رغم التباين في الرأي.
والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي يريد إبقاء هذا التواصل قائماً، لما له من دلالة وطنية، وخصوصاً بعد الانتكاسات الأخيرة التي تركت جرحاً بالغاً جرت معالجته على أعلى المستويات لإبقاء الأمور ممسوكة، من خلال اللقاء الذي عقد في دارة النائب فريد هيكل الخازن، وضم ممثلين لبكركي و”حزب الله”، والأمر عينه في الزيارة التي قام بها رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبدو أبو كسم لعين التينة، ناهيك بالعلاقات التي تنسج مع شخصيات وطنية تساعد الصرح البطريركي على التواصل في كثير من المسائل السياسية والوطنية.
وتفيد معلومات أن الصرح البطريركي أجرى تقويما شاملا لكل ما حصل في الآونة الأخيرة، وخصوصاً المبادرة التي قام بها المطران أنطوان أبو نجم من أجل التوصل إلى ورقة مسيحية وثوابت ومسلمات تجمع كل الأفرقاء، إذ جال آنذاك على كل الأحزاب والقوى السياسية المسيحية، لكن البعض لم ير في ذلك فائدة للمسيحيين في هذه المرحلة، وهو ما دفع البطريرك إلى تكليف أربعة مطارنة متابعة الشؤون الوطنية، تحسباً لأي حرب، والتواصل مع كل المرجعيات السياسية الروحية والمذهبية وسائر القوى السياسية، بحيث يكون هناك استنفار دائم لهذه الغاية.
في هذا السياق، يشير مصدر كنسي مقرب من بكركي إلى أن اللجنة التي شكلت برئاسة البطريرك الراعي، وتضم عددا من المطارنة لمتابعة الشؤون الوطنية، هدفها أولاً وأخيراً تحصين البلد، ومن الطبيعي الوجود المسيحي، لأن كل التجارب أثبتت أن لا مناص من الوحدة الوطنية الجامعة بعد كل الخلافات والانقسامات التي حصلت، وهذه اللجنة تجتمع وتتابع مهماتها ودورها، وما من زيارات لمرجعيات سياسية أو روحية، إنما متابعة ومواكبة لكل الملفات الوطنية، وإذا دعت الحاجة، تكون هناك لقاءات وتواصل مع الجميع للبقاء في دائرة التشاور والتنسيق، أمام أي تطور سياسي ودستوري وسوى ذلك، وتحديداً الاستحقاق الرئاسي والشؤون والشجون الوطنية.
أما عن الهدف من هذه اللجنة، فتجيب المصادر بأنها لمواكبة الحفاظ على الوجود المسيحي في لبنان، وكذلك في المنطقة، ناهيك بما جرى في الدول المجاورة، إذ ثبت أن على المسيحيين في لبنان أن يتواصلوا ويتلاقوا مع شركائهم، وهذه ثوابت الفاتيكان، وقد عبّر عنها أمين سر دولة الفاتيكان خلال زيارته الأخيرة للبنان، لذلك اللجنة تجتمع برئاسة سيد بكركي وتواكب كل التطورات والملفات، وعندما تدعو الحاجة سيعقد لقاء وسيكون هناك بيان، والتواصل قائم مع الجميع بعيداً من الأضواء والإعلام، وهذا هو هدفها لا أكثر ولا أقل.
ومن هم المطارنة؟ تجزم المصادر بأنه مشهود لهم بالخبرة ودراسة كل الملفات الوطنية، وربطاً بذلك، لديهم القدرة على أن يكونوا جاهزين لأي معطى قد يطرأ في البلد، وفي المحصلة، اللجنة سيكون لها دورها وشأنها في تثبيت بكركي مرجعية وطنية بامتياز، لا مسيحية فحسب.
وعلم أنه في سياق المتابعة بين بكركي والمرجعيات السياسية، يتواصل رئيس مع قوى سياسية في شكل دائم، ناقلاً موقف بكركي المسيحي والوطني الجامع، وهذه الحركة ترسي التفاهم الوطني الجامع.