كان من الطبيعي أن تتركز زيارة الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي ونائب المفوضية الأوروبية جوزيف بوريل إلى لبنان على ملفات عديدة أبرزها الحرب في الجنوب والنازحين السوريين، فزيارته الوداعية قبل تسليمه مهامه إلى مسؤول جديد لم تخلُ من إعادة التذكير بثوابت الإتحاد حول أهمية تجنيب لبنان التصعيد والالتزام بالقرارات الدولية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية.
بدا بوريل في هذه الزيارة مخاطبا أكثر مما هو ساعيا لطرح ما أو مستفسرا، دون التخلي عن اللغة الديبلوماسية لجهة حض القادة في لبنان العمل لأجل مصلحة البلد وشعبه وليس لمصلحة أي طرف آخر.
لم يتحدث بوريل بأية تفاصيل جديدة في ملف النازحين السوريين حتى أن تصريحه خلا من أية اشارة، وهذا يعزز القول أن مهمة هذا الملف متروكة لمن يخلفه في منصبه.
كانت مروحة لقاءات بوريل في بيروت موسعة، ولم يُسهب في ملف الرئاسة، مكتفيا بالتأكيد على أهمية عودة المؤسسات اللبنانية إلى العمل وبطبيعة الحال رئاسة الجمهورية. وهذا الملف متروك لجهد اللجنة الخماسية التي تتحرك قريبا من دون معرفة ماهية الأفكار التي تعد لاعادة الحياة إلى هذا الملف، وهذا ما وضع بوريل في أجوائه.
وترى مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أنه بالنسبة إلى بوريل، فإن مغادرة منصبه بعد شهر تقريبا لم تحمله على الدخول بالعمق في بعض القضايا، على أنه يدرك تماما أن ما كان يدعو إليه مع سياسة اوروبا لجهة اندماج النازحين السوريين في المجتمعات التي يعيشون فيها، وهذه السياسة لم تتبدل وهي نقطة خلاف بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، وما حاول تسويقه بوريل بشدة ضمن هذا العنوان يعمل على ان يشكل امتدادا لموقف المسؤول الجديد، معلنة أنه منذ فترة غاب الملف عن أي نقاش خارجي، وفي الداخل تحولت الأولوية إلى الحرب والمخاوف من توسعها على أنه لم يسقط من أي محاولة لايجاد حل والمطالبة بالعودة الآمنة لهم إلى بلادهم وفق ما هو متفق عليه بين الجهات الرسمية، لافتة إلى أنه من المرتقب ان يعود للبحث في الفرصة المناسبة ولاسيما أن لبنان أعد دراسة متكاملة وحض المجتمع الدولي على الأخذ بموقفه.
رئاسياً، تجنب بوريل وفق المصادر الخوض في تفاصيل الملف لعلمه أنه متروك لمساعي اللجنة الخماسية والجهد الداخلي. وفي هذا المجال، تردد أن هذا الحراك الجديد قائم بناء ما تم التفاهم عليه من اتصالات فرنسية – سعودية لناحية الانطلاق مجددا نحو البحث عن ثغرة تسمح بجعل الملف أكثر ليونة دون اقفال الباب امام ما طرح من مساعٍ داخلية، فإذا كانت الأجواء المحلية مشجعة وقابلة للسير بطرح ما فإن نسبة النجاح لإيصال الملف إلى المجلس النيابي وفق الأصول الدستورية، معتبرة أن الخيار الثالث باقٍ من ضمن الأفكار الأكثر تداولا للحل، وهذا متوقف على ما يمكن أن تعلن عنه اللجنة الخماسية مع العلم أن التكتم سيد الموقف وليس هناك إلا من معلومات خجولة في حين ينشط السفير المصري علاء موسى على الخط التفاؤلي في الوقت الذي لم تُحلّ فيه معضلة التشاور، فهل هناك من صيغة وسطية؟
تقول المصادر أن لا شيء مؤكدا بعد، وأن تواصل المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والموفد السابق جان ايف لودريان قد لا يعني أن الملف أصبح في امتاره الاخيرة، لاسيما أن اللاعبين المحليين لا يزالون على قناعة بالمبادىء التي وضعوها، والمناخ المحلي غير مسهل نظرا لعدة عوامل ومن بينها ملف الحرب، حتى وإن قيل انه منفصل عن غزة،وأي كلام عن مقاربة جديدة من اللجنة الخماسية يتطلب ترجمة وإرادة من الداخل، معلنة أن موعد الخامس عشر من أيلول الجاري أضحى وشيكا ويمكن معرفة ما قد يحمله أعضاء اللجنة إلا إذا تأخر الموعد كثيرا وعندها يمكن الحديث عن توقعات سلبية.
ما بعد زيارة بوريل إلى بيروت،حركة جديدة مرتقبة للودريان عنوانها الوحيد الرئاسة، فهل يتبدل المشهد المكفهِر الطاغي عليه ام تزداد التعقيدات… لن يطول المشهد حتى تتبلور جميع المعطيات حوله.