مع انتشار الحرب الإلكترونية في الصراعات المنتشرة حول العالم، إن كان في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط، بدأت شركات الطيران ومسؤولو السلامة الجوية يحذرون من خطورة الأمر.
فقد حذر طيارون ومسؤولون في صناعة الطيران وهيئات تنظيمية من انتشار إشارات نظام تحديد المواقع العالمي المزيفة خارج مناطق الصراع النشطة بالقرب من أوكرانيا والشرق الأوسط، مما يربك أنظمة الملاحة والسلامة في قمرة القيادة ويرهق انتباه الطيارين في الطائرات التجارية التي تحمل الركاب والبضائع.
وقال الطيارون وخبراء الطيران إن الهجمات بدأت تؤثر على عدد كبير من الرحلات التجارية منذ حوالي عام حيث ارتفع عدد الرحلات المتأثرة يوميا من بضع عشرات في فبراير/شباط إلى أكثر من 1100 في أغسطس/آب الفائت، وفقا لتحليلات من SkAI Data Services وجامعة زيورخ للعلوم التطبيقية.
فالاعتماد الشديد للطائرات الحديثة على نظام تحديد المواقع العالمي يعني أن البيانات المزيفة يمكن أن تتدفق عبر أنظمة قمرة القيادة، ما يخلق أعطالاً تستمر لبضع دقائق أو رحلة كاملة.
تحذيرات كاذبة
وأبلغ الطيارون عن إعادة ضبط الساعات إلى أوقات سابقة وتحذيرات كاذبة ومسارات طيران مضللة، وفقا لتقارير مجهولة المصدر تمت مشاركتها مع الحكومة ومجموعات الصناعة، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.
إلى ذلك كشف مسؤولون في مجال سلامة الطيران أن التلاعب بالبيانات تسبب في تعطيل بعض الرحلات الجوية، لكنه لم يشكل مخاطر أمنية كبيرة.
في حين يتم تدريب الطيارين على كيفية استخدام أنظمة الملاحة غير المعتمدة على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) كنسخة احتياطية، فإن إدارة إشارات وتنبيهات نظام تحديد المواقع العالمي المزيفة قد تؤدي إلى تشتيت انتباه الطيارين في حالة حدوث مشكلة أكثر خطورة.
تطوير حلول وإصلاحات
وتعمل شركات الطيران مع صناع الطائرات والموردين والجهات التنظيمية للسلامة الجوية لتطوير حلول قصيرة الأجل وإصلاحات طويلة الأجل.
فيما لن يتم إصدار معايير المعدات المصممة لتقوية الطائرات المدنية ضد التلاعب بالبيانات حتى العام المقبل على أقرب تقدير، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
في الأثناء، يتلقى الطيارون إحاطات قبل الرحلة حول كيفية التعرف على عمليات التلاعب المحتملة والاستجابة لها والتي قد تشمل في بعض الأحيان إيقاف تشغيل ميزات معينة من نظام السلامة الذي تم الإشادة به لتقليل الحوادث بشكل حاد.
وفي بعض الحالات، أوقف الطيارون طائراتهم من دون داع، وفقاً لمسؤولي الصناعة. كما تعطلت أنظمة طائرات أخرى، بما في ذلك خدمات الرسائل للطيارين، عندما استخلصت قمرة القيادة بيانات خاطئة عن الوقت والموقع من إشارات مزيفة.
ارتفاع نسبة الإشارات المزيفة
من جانبهم أوضح الباحثون أن حجم إشارات نظام تحديد المواقع العالمي المزيفة ارتفع بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية.
وقال تود همفريز، أستاذ هندسة الطيران في جامعة تكساس في أوستن، إن معظم هجمات التزييف تأتي من أجهزة إرسال حرب إلكترونية قوية في روسيا وأوكرانيا وإسرائيل. ويمكن للأجهزة المحمولة باليد أيضاً تزييف إشارات نظام تحديد المواقع العالمي في منطقة أصغر.
ومن الواضح أن الرحلات المدنية لم تكن أهدافاً، على الرغم من أن هذا لا يوفر الكثير من الراحة للطيارين التجاريين الذين يحلقون عبر بعض أكثر الممرات الجوية ازدحاماً في العالم.
يشار إلى أن مجموعة متنوعة من الهجمات عبر مواقع مختلفة تسببت في مجموعة من المشكلات، وفقاً لتقارير مجهولة المصدر جمعتها OpsGroup، وهي منظمة لسلامة الطيران تضم طيارين وموجهين وموظفين آخرين في شركات الطيران.
وكادت إشارة “جي بي إس” مزيفة في سبتمبر/أيلول 2023 أن ترسل طائرة “إمبراير” خاصة إلى إيران دون تصريح، وهو تضليل كان من الممكن أن يقود الطائرة إلى المجال الجوي المعادي.
كذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2022، تسبب تداخل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في تعطيل الحركة الجوية في مطار دالاس فورت وورث الدولي في الولايات المتحدة.
فقد انحرفت بعض الطائرات عن مسارها، واقتربت إحداها كثيرا من طائرة أخرى أثناء الاقتراب النهائي في انتهاك بسيط للقواعد الفيدرالية التي تبقي الطائرات منفصلة بأمان، وفقا لمسؤول حكومي.
فيما اضطر الطيارون إلى الاعتماد على أنظمة الملاحة التقليدية في اقترابهم لمدة يومين تقريبا.