تعهّدت فصائل عراقية من “الحشد الشعبي” الموالي لإيران، بإرسال 100 ألف مقاتل إلى حدود لبنان، تزامنا مع مقتل “عنصر فعال” كما وصفته قرب مطار دمشق في تفجيرات “البايجرز” التي ضربت لبنان.
فقد بعث أمين “كتائب سيد الشهداء” أبو الاء الولائي، برسالة إلى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، تعهّد فيها بإرسال 100 ألف مقاتل إلى حدود لبنان.
وقال الولائي: “سيأتي سيل بشري عراقي تكتظ به حدود لبنان وخنادقها، فإن فقد (حزب الله) ألفاً من الشهداء، سنمدّه بمئة ألف من الأبطال”.
تصريحات الولائي لم تمر مرور الكرام على الساحتين العراقية واللبنانية لما تحمله من خطورة على البلدين، فهي تورط العراق مباشرة في الصراع، فيما يحذر خبراء أمنيون من مغبة تدخل الفصائل في لبنان، لأن العراق بأسره سيدخل في المستنقع، بالإضافة إلى تحويل لبنان أرضا مفتوحة للمقاتلين تشبه مرحلة سوداء عابرة سميت “فتح لاند” في ثمانينيات القرن الماضي.
وفي وقت سابق، لوحت تقارير استخبارية أميركية بأن تل أبيب قد تقصف مواقع داخل العراق تسيطر عليها الفصائل، ومنها نقاط حساسة داخل الموانئ العراقية في البصرة، من أجل قطع الشريان الاقتصادي والمادي عن تلك الجماعات. ومن المتوقع أن تتدخل الحكومة لاحتواء الفصائل استجابة لضغوط أميركية.
وفي هذا الإطار يرى رئيس مركز التفكير السياسي في العراق وأستاذ السياسات العامّة في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في جامعة بغداد الدكتور إحسان الشمّري، أن هذه التصريحات “تأتي في سياق شعار وحدة الساحات الذي مضت عليه القوى الحليفة لإيران، باعتبار أنهم هدّدوا ولوّحوا بإمكان أن تتحد الساحات حيث الفصائل المسلّحة الحليفة لإيران”.
ويضيف: “أعتقد أنه جزء من محاولة تخفيف ضغط عن حزب الله، نظرا إلى طبيعة الضربات الجوية وسقوط الضحايا وغياب قيادات من خلال الاستهدافات الإسرائيلية لقيادات عسكرية مهمة، وتعكس هذه التصريحات عن إرسال 100 ألف مقاتل مستويات القلق الذي تشعر به هذه الفصائل، وهي تدرك جيدًا أن هناك لحظات فاصلة في هذا التوقيت بالتحديد”.
وردًا على سؤال عن مدى امتلاك هؤلاء القدرة، يجيب: “قد يستطيعون إلى حد ما المشاغلة كما لاحظنا في عملية استهداف طائرات مسيّرة لبعض المواقع الإسرائيلية، لكنّ هذا العدد في حاجة إلى مزيد من الإمكانات والدعم اللوجستي والفني، ومن الصعب أن تتوافر. فضلًا عن ذلك، هذا العدد يُدخل حكومة محمد شياع السوداني،، حليفة هذه الفصائل، في دائرة جرّ العراق الرسمي إلى تطورات الحرب الدائرة سواء على مستوى غزة أو على مستوى الجنوب اللبناني”.
ويتابع: “أعتقد أن هذا التصريح جزء من زيادة مستوى الضغط، ولكن إذا ما اشتدت المعركة فهناك فصائل يمكن أن تمضي إلى المشاركة من خلال الأرض السورية المفتوحة في اتجاه لبنان أو حتى من خلال النقل الجوي، وهذا هو الطريق الأكثر سهولة”.
ويؤكد الشمّري أن حكومة السوداني “تفضّل أن تنأى بالعراق عن تداعيات ما يجري وتجنّبه الانعكاسات الأمنية، لذلك مثل هذه تصريحات من فصائل تابعة للقائد الأعلى للقوات المسلّحة تدخل السوداني أولا في دائرة الحرج، والعراق ثانيًا في دائرة الاستهداف، وخصوصًا أن المسؤولين الإسرائيليين أعلنوا أن العراق من ضمن دائرة الاستهدافات المقبلة، وبالتالي الحكومة ستتحمّل بما لا يقبل الشك هذه المشاركة”
ويختم بالسؤال: “هل لدى السوداني القدرة على وضع كوابح أمام هذه الفصائل؟ لا أتصور. لذلك ستفقد حكومته القدرة على ضبط الفصائل أولًا إذا ما قرّرت المشاركة الفعلية، وثانيًا القدرة على ضبط التداعيات أمام أي استهداف إسرائيلي للداخل العراقي”.
في المقابل، يكشف مقربون من “حزب الله” أنه منذ بداية الحرب عرض عدد من الفصائل إرسال عشرات الآلاف من المسلحين للمساعدة، لكن الحزب رفض لأنه في الأصل لم يستعمل قوته البشرية كاملة.
ويشيرون إلى أنه “حتى الأمس لم يكن الحزب يستعمل نصف قواه البشرية وأقل، ولكن إذا اشتدت الحرب فيصبح كل شيء مفتوحا”. ويكشفون عن اتصالات مستمرة بين الفصائل وقيادات لبنانية لتنسيق الجهود العسكرية، إضافة إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين فصائل عراقية ولبنانية ويمنية، لتأكيد وحدة الساحات التابعة لمحور المقاومة.
ويضيفون: “لا نخفي سراً أن مقاتلين من قوات الحشد الشعبي العراقي، ولواء فاطميون الأفغاني، ولواء زينبيون الباكستاني، وجماعة الحوثي، يمكن أن يأتوا إلى لبنان للمشاركة في الحرب، وهم موجودون في سوريا”.
وعن طريقة دخولهم يجيبون: “في الحرب الكبيرة تفتح الحدود وتسقط المحرمات”.