بحركة دائمة لا تهدأ، وبوتيرة متسارعة للقاءات السياسية والدبلوماسية، يواصل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مساعيه للوصول إلى وقف لإطلاق النار، إذ تلقى اتصالات من مسؤولين دوليين أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حاملاً في رأسه أكثر من هم، أولها، همُّ وقف إطلاق النار، وثانيها همُّ معالجة وضع المهجرين من الجنوب والضاحية والبقاع، وثالثها، إعادة الإعمار وإعادة المهجرين إلى منازلهم، أما رابعها، فهمّ إنجاز تسوية سياسية داخلية شاملة تخرج لبنان من الأزمات المتلاحقة.
وقال بري، خلال لقاء مع «الجريدة»، إنه لا يزال يتمسك بالمبادرة التي تقدم بها مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووليد جنبلاط، ولا يزال متمسكاً بكل الثوابت التي أعلنها سابقاً، وأهمها وقف إطلاق النار فوراً، مؤكداً أن هذا ما يبلغه لكل المتصلين به.
ولدى سؤاله عن مسألة فصل جبهة لبنان عن غزة، قال «إننا لم نذكر وقف النار في غزة، ولم نذكر فصل الجبهات أو ربطها»، في وقت رد على التفسيرات الكثيرة التي صدرت بهذا الصدد، بقوله «فليفسر كل طرف أو شخص وفق ما يريد، نحن مواقفنا واضحة».
وأكد أنه كرر خلال الاتصال مع بلينكن كلمة وقف إطلاق النار عشر مرات، في وقت لفت إلى أن الموقف الفرنسي ممتاز، ويتطابق مع المواقف اللبنانية، خصوصاً في ظل إصرار باريس على وقف إطلاق النار، إلى جانب موقفها الداعي إلى حجب الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في لبنان وقطاع غزة، وموقفها لجهة المساعدات التي سيتم العمل على جمعها للبنان ومساعدة اللبنانيين، إضافة إلى مساعدة مؤسسات الدولة والمهجرين.
واعتبر بري أن الموقف الفرنسي متقدم، لاسيما بالنظر إلى المؤتمر الذي دعت إليه باريس في 24 الجاري، وذلك في سبيل مساعدة لبنان على مختلف الصعد السياسية والدبلوماسية والسعي لإصدار موقف واضح يدعو إلى وقف النار.
وقال إن «الفرنسيين يتمسكون بالقرار 1701 كما نتمسك به نحن، بالإضافة إلى المساعي التي ستبذل في هذا المؤتمر للوصول إلى تسوية سياسية يتوافق عليها اللبنانيون، برعاية إقليمية ودولية»، مضيفاً: «ولا ننسى الحضور العربي في هذا المؤتمر، إذ نعول على دور الدول العربية الشقيقة والصديقة في الوقوف إلى جانب لبنان، وفي التمسك بثوابت العروبة والأخوة، والموقف الداعم الذي كثيراً ما اضطلعت به الدول العربية كسند حقيقي للبنان في أزماته ومحنته».
وأكد أن الاتصال بماكرون كان إيجابياً وتطابقت فيه وجهات النظر، مشيراً إلى أن الاتصالات الدولية مستمرة للوصول إلى وقف لإطلاق النار.
وعن المساعي الأميركية، اعتبر أن مبادرة بلينكن بالاتصال به «إيجابية»، لافتاً إلى أن الأميركيين يتحدثون أيضاً عن القرار 1701 وعن وقف النار «ولكن يقولون ما لا يفعلون، نسمع كلامهم الجيد فنعجب به ولا نرى أفعالهم. ننتظر منهم الضغط أكثر في سبيل وقف إطلاق النار. والاتصالات ستكون مستمرة في المرحلة المقبلة».
وذكر أن وقف إطلاق النار قد لا يحصل سريعاً، لكنه أيضاً اعتبر أن موقف «حزب الله» في الميدان جيد جداً، ويمكنه أن يساعد في ذلك، خصوصاً أن إسرائيل في حالة استنزاف، والمجتمع الدولي صمت عن حربها في غزة سنة كاملة، ولا يمكنه الاستمرار في هذا الصمت.
وبينما شدد على التمسك بالقرار 1701 حصراً، مؤكداً أن تطبيقه الكامل من الطرفين هو الحلّ الوحيد والمتاح، اعتبر أن الكلام عن القرار 1559 هو كلام سياسي، لأن «1701» ألغى «1559».
ولدى سؤاله عن اعتبار أن «1701» بُني على أساس «1559» قال: «غير صحيح أنا عملت على الـ1701 مع ديفيد وولش، وكل القرارات الدولية في مقدمتها يتم ذكر القرارات التي سبقتها، ولكن منذ عام 2006 لبنان يلتزم بالـ 1701 وهو القرار الوحيد الساري، لذلك لا أحد يتحدث بالـ 1559. حتى بلينكن في اتصاله معي تحدث عن 1701».
ولم يُخفِ بري شكوكه في أن يفكر الإسرائيليون أو يتوهموا الخروج من الـ1701 أو الانقلاب عليه، لا سيما أن تل أبيب هي التي خرقت القرار آلاف المرات ولم تلتزم به.
وعن زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف لبيروت، أكد بري أن الزيارة تضامنية، وهدفها الوقوف إلى جانب لبنان والاهتمام بوضعه، وإيران تريد وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن قاليباف أعلن تقديم دعم مشكور للبنان، وسيتم تقديم هذا الدعم للدولة اللبنانية ومؤسساتها، وأبلغ هذا الأمر لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي.