معاناة النازحين اللبنانيين من القرى والبلدات الحدودية التي تعيش عامها الثاني منذ بدء «حرب الإسناد» لقطاع غزة من جنوب لبنان، تدرجت من تهجير إلى آخر، بحثا عن أماكن آمنة.
توسعت حركة التهجير تدريجيا حتى مطلع أكتوبر الحالي، وشملت كل مدن الجنوب وقراه والضاحية الجنوبية إضافة إلى مناطق واسعة في البقاع. واقترب عدد النازحين إلى زهاء مليون ونصف المليون نازح، ما يلامس ثلث عدد سكان لبنان.
معاناة النازحين هي في مواجهة أكثر من تحد، منها محاذير أمنية ورغبة بعض المناطق في عدم استمرار هذه الاستضافة، بعد تعرض بلدات في عدد من مناطق النزوح للغارات الإسرائيلية بذريعة وجود مطلوبين بين هذه العائلات.
كذلك فإن الكثير من البلدات والعائلات التي استضافت النازحين من مختلف المناطق، كانت تأمل الا تطول هذه الحرب أكثر من أسابيع.
وفي ظل غياب أي أفق للحل، فإن التململ بدأ يحصل في صفوف هؤلاء، مع تخوف من تحول النازحين إلى مقيمين دائمين فيما لو تحول الجنوب اللبناني إلى غزة ثانية.
وثمة تحد آخر يواجه النازحين وهو اقتراب فصل الشتاء، ذلك ان مراكز النزوح غير مهيأة لمواجهة موجة الصقيع الباردة.
كما ان هذه العائلات التي بدأت تتلاشى مدخراتها ستكون عاجزة عن مواجهة قساوة الظروف، خصوصا ان مراكز الإيواء الرسمية لا تحتضن اكثر من 10% من النازحين الذين خرجوا من بيوتهم.
وفي صورة عن معاناة النازحين تحدث رب عائلة إلى «الأنباء» فقال: «عشت التهجير خمس مرات على مدى سنة، وآمل ان لا تكون هناك مرة سادسة».
وأشار ابن البلدة الحدودية إلى انه غادر منزله للمرة الاولى مع عائلته في العاشر من أكتوبر 2023، وانتقل بضعة كيلومترات شمالا ضيفا عند أحد الأقارب. وكان يتردد إلى بلدته خلال فترات التشييع حيث كان يسمح بعملية الدفن في مسقط رأس المتوفى، فيتسنى له إحضار بعض الحاجيات والاطمئنان إلى منزله.
وأضاف: «مع توسع الغارات جنوبا فاجأتنا غارة للطيران الإسرائيلي قرب المنزل الذي استضافنا، فاضطررت والأقارب إلى مغادرة الجنوب إلى بيروت لبضعة أشهر، حيث ما لبثت الضاحية الجنوبية ان اصبحت عرضة للغارات، فغادرت مجددا مع العائلة مرة أخرى إلى احدى قرى قضاء عاليه حيث لاحقتني الغارات إلى حيث أقمنا في بلدة كيفون التي تعرضت لاستهداف من الطيران الإسرائيلي أكثر من مرة، فغادرت مع عائلتي والكثير من النازحين شمالا وصولا إلى مدينة طرابلس».
وختم بالقول انه يأمل «ان يكون هذا النزوح هو الأخير، وان تكون مغادرتي لهذا المكان إلى مسقط رأسي وليس إلى مكان آخر».