لا موقف قاطعاً من “الحزب” بضمان تطبيق كلّ الـ1701

على الرغم من كلّ الضجيج الذي يرافق المشاورات والمواقف الدولية، لا يزال القرار 1701 هو المرتكز القانوني لكلّ المفاوضات الدبلوماسية الحاصلة لفرض وقفٍ لإطلاق النار في لبنان. قيل الكثير عن إصرار إسرائيل على تجاوزه وعن رغبة الولايات المتحدة بتعديله، لكنّ الوقائع والمعطيات تثبت أنّ العمل على قرار بديل دونه حقّ النقض في مجلس الأمن، من قبل روسيا والصين. لذا يدور البحث حول ضمان تنفيذه بشكل دقيق، وهو ما عبّر عنه توصيف “الآليّة التنفيذية” التي اقترحها الموفد الأميركي آموس هوكستين أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري.

أظهرت مواقف الأيام الأخيرة أنّ القرار الأممي المذكور لا يزال “خشبة الخلاص”. إذ حرص وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على الإشارة من الدوحة إلى أنّ بلاده “تكثّف الجهود للتوصّل إلى حلّ دبلوماسي في لبنان يسمح بتطبيق القرار 1701”. ثمّ عاد وأكّد أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وجوب تطبيق القرار 1701 بشكل كامل. فيما قال وزير الخارجية الفرنسي صراحة إنّ “علينا التأكّد من عدم قيام إسرائيل بحملة مستدامة في لبنان، ونكثّف الجهود للتوصّل إلى حلّ دبلوماسي في لبنان يسمح بتطبيق القرار 1701”. وأعرب المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين عن اعتقاده أنّه “يمكن إنهاء الحرب بين إسرائيل ولبنان وفق القرار 1701”.

إذاً يكمن بيت الشاعر في كيفية تطبيق القرار لأنّ سوء تنفيذه منذ لحظة ولادته في عام 2006. هو الذي جعله عرضة للتقاعد والوضع “على الرفّ” والبحث عن خلف له. أمّا ركيزتا القرار فتُختصران بنقطتين:

1- ضمان منع أيّ ظهور مسلّح جنوب الليطاني. وهنا مهمّة الجيش في مراقبة التنفيذ، كما يُبحث في الأروقة الدبلوماسية، على أن تتولّى القوات الدولية مؤازرته.
تظلّ الكلمة للميدان. وهو ما يؤكّده المطّلعون على موقف “الحزب”، حيث يسود اعتقاد أنّ الأخير مقتنع بأنّ بالإمكان استنساخ تجربة عام 2006

2- منع إعادة تسليح “الحزب”. وهذه الورقة بعهدة إيران. وهو ما يعني أنّ الدور المنوط بالرئيس بري في التفاوض مع الأميركيين لا يسمح بمعالجة هذه المسألة التي ستبقى عالقة إذا لم تُبحث مع إيران، خصوصاً أنّ كلّ الاقتراحات الموضوعة لضمان منع إعادة تسليح “الحزب” عبر مراقبة المعابر الشرعية وغير الشرعية يمكن الالتفاف حولها.

برّي باقٍ على المبادرة

حتى الآن، لم ينعِ رئيس مجلس النواب المبادرة التي خاضها مع هوكستين مطلع الأسبوع، لأنّه يحمل تفويضاً من “الحزب” بقيادة المفاوضات أسوة بما فعله في عام 2006، بل يصرّ على إبراز الجانب الإيجابي من مفاوضاته، حيث أوضح لـ”سكاي نيوز” أنّه “تفاهم مع هوكستين بشأن مختلف المواضيع والملفّات، وأهمّها وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 من دون تعديلات”. وعبّر عن تمسّكه بدور قوات اليونيفيل كضمانة لتطبيق القرار. لافتاً إلى أنّ “الترتيبات والآليّات التنفيذية للقرار ستكون بعهدة الجيش اللبناني الذي سينتشر في الجنوب ويتولّى كامل المسؤوليات للحفاظ على الاستقرار”.

القرار 1701

في هذا السياق يقول بعض من التقى مسؤولين أميركيين، إنّ هوكستين ينتظر جوابيْن لاستكمال مبادرته:

1- جواب تأكيدي من برّي يعكس فيه حقيقة موقف “الحزب” ومن خلفه إيران، من العرض الذي تقدّم به هوكستين. خصوصاً أنّ الآلية المقترحة تتضمن الكثير من التفاصيل التي لا تزال طيّ الكتمان.

2- جواب الحكومة الإسرائيلية من العرض والذي كان يفترض أن يسلّم نهاية الأسبوع (وذلك قبل حصول الضربة الإسرائيلية على إيران). وقد فهم بعض اللبنانيين أنّ هوكستين قد يزور إسرائيل اليوم الأحد لتسلّم الردّ. مع العلم أنّه وصل واشنطن خلال الساعات الأخيرة بعد جولة له تبعت زيارته بيروت. فقد توجّه بداية إلى فرنسا (قبيل انعقاد مؤتمر دعم لبنان)، ثم زار بعض الدول العربية المعنية بالملفّ اللبناني.
حتى الآن لم يصدر أيّ جواب قاطع من جانب الحزب حول ضمان تنفيذ القرار 1701

الغموض يكتنف التّفاصيل

ورغم الليونة التي تعامل بها بري مع المبادرة والتي فاجأت الأميركيين، لا يزال في العمق الكثير من الغموض، سائداً. إذ يقول بعض من التقى كلّاً من برّي ودبلوماسيين أميركيين. إنّه حتى الآن لم يصدر أيّ جواب قاطع من جانب الحزب حول ضمان تنفيذ القرار 1701. وعلى الرغم من المنحى التفاهميّ الذي ألبسه برّي لمحادثاته مع هوكستين، لكن إلى اللحظة لا ترجمة فعليّة. بل تدلّ المؤشّرات على أنّ الحرب مرشّحة للاستمرار إلى أجل غير محدّد، أقلّه وفق تقديرات دبلوماسيين روس، ومن الصعب جدّاً وضع روزنامة زمنية واضحة تظهر موعد وقف إطلاق النار. خصوصاً أنّ بعض الآراء يجزم أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يكتفي بما حقّقه حتى الآن، وبالتالي لن تنفع الضغوط الدولية في لجمه، أقلّه في وقت قريب.

أكثر من ذلك، ثمة من يرى في رزمة المساعدات التي سارع المجتمع الدولي إلى تقديمها، وتحديداً الأوروبيين، أنّها قد تكون “مونة حرب طويلة”. بمعنى أنّ الأوروبيين غير مقتنعين أنّ ثمة انفراجة قريبة. وكلّ المؤشرات تدلّ على أنّ هناك “فترة سماح” مفتوحة لنتنياهو لتحقيق ما يعتبرها أهدافاً عسكرية.
على الرغم من كلّ الضجيج الذي يرافق المشاورات والمواقف الدولية، لا يزال القرار 1701 هو المرتكز القانوني لكلّ المفاوضات

الأرجح أنّ هذا ما يفسّر محاولة الأميركيين الدفع باتجاه مبادرة الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات فورية لتطبيق القرار 1701. بمعزل عن قرار وقف إطلاق النار، كما يفيد المطلعون. وقد ألمح ميقاتي للأمر بعد لقائه بلينكن، من خلال تشديد على”التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 كما هو، من دون تعديل”. وقال: “المطلوب أولاً التزام حقيقي من اسرائيل بوقف اطلاق النار. لأنّ التجربة السابقة في ما يتعلق بالنداء الاميركي – الفرنسي المدعوم عربياً ودولياً، لوقف إطلاق النار أثّرت على صدقية الجميع”.

اترك تعليق