كشفت مصادر مطلعة ان لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية الاميركي بلينكن في لندن قبل يومين، يؤشر الى ان هناك جهودا ديبلوماسية مركزة وناشطة، تبذل في اطار العمل لوقف النار وتطبيق القرار 1701 بشكل كامل.
وتابعت المصادر أن هناك تركيزاً أميركياً على دور الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في المرحلة المقبلة، لضمان تطبيق كامل وفعال للقرار المذكور، كما عبر وزير الخارجية الاميركي.
وكشفت المصادر لـ”الديار” عن ان بلينكن، الذي عبر عن تقديره لموقف لبنان واستعداده لتنفيذ القرار 1701 كاملا، اقترح على ميقاتي المباشرة بنشر قوة من الجيش في الجنوب، كبادرة لتعزيز صدقية الموقف اللبناني، وتوجيه اشارة ايجابية لتحقيق وقف النار.
وأوضح ميقاتي له ان هناك استحالة لتحرك الجيش قبل وقف النار، مشيرا الى الاعتداءات التي تعرض لها مؤخرا في الجنوب من قبل القوات الاسرائيلية وادت الى استشهاد وجرح عدد من العسكريين.
وتطرق ميقاتي الى ما حدث بعد الاتفاق الاخير على وقف النار، بتوقيع 21 دولة الذي حصل على هامش اجتماعات الامم المتحدة، والذي وافق عليه لبنان وتبلغ ان الاسرائيلي وافق ايضا عليه، لكن نتنياهو انقلب على الاتفاق المذكور وصعّد عدوانه على لبنان.
واضاف ميقاتي، حسب المصادر، أن الأمر متوقف على النوايا الحقيقية لنتنياهو، وان المطلوب انتزاع التزام.
وكتبت “الأخبار”: في الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي عاموس هوكشتين، خرج كثيرون يتحدثون عن أنه لم يحمل جديداً. ومن اطّلعوا على “الأوراق الرسمية” للمحادثات، قالوا إن الرجل لم يقدّم مقترحاً، لكنه حاول معرفة طبيعة الوضع الذي يحكم عمل المفاوض اللبناني. وبحسب هؤلاء، فإن هوكشتين يفترض أن يحمل في الزيارة الثانية المتوقّعة، بصورة رسمية، التصور أو المطالب الإسرائيلية، علماً أن ورقة هذه المطالب التي تسلّمها البيت الأبيض من رون ديرمر، مساعد بنيامين نتنياهو، كانت بالفعل في جيب هوكشتين.
الورقة الإسرائيلية التي روّج لها الجانب الأميركي تستند إلى معطيات ميدانية، تفيد بأن إسرائيل حقّقت انتصاراً ساحقاً على حزب الله، وأن لبنان ليس في موقع من يضع الشروط، بل عليه الانصياع، كما أن أساس النقاش، بالنسبة إلى العدو، هو أن التفاوض إن بدأ، فسيكون ويستمر تحت النار إلى حين رضوخ لبنان.
المشكلة في هذه المقاربة ليست في أن الأميركيين يريدون تمرير المطالب الإسرائيلية فقط، بل في أنهم لا يريدون لأي طرف آخر التدخل، وخصوصاً الجانب الفرنسي الذي حاول إعداد تصور لمفاوضات حول لبنان. وقد عبّر الأميركيون عن انزعاجهم بخفض مستوى تمثيلهم في مؤتمر باريس، كما حرص وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على لقاء ميقاتي في لندن وليس في باريس، فيما كرّر هوكشتين على مسامع “أصدقائه” اللبنانيين أن فرنسا ليست صاحبة كلمة في الملف اللبناني، وأن الأمر بالنسبة إلى الأميركيين لا يتعلق فقط بالحرب مع إسرائيل، بل بملف الانتخابات الرئاسية أيضاً.
يعتبر نتنياهو أن أمامه شهرين ونصف شهر قبل تسلم الإدارة الأميركية الجديدة لتنفيذ كل مخططاته مصدر سياسي بارز قال إن هوكشتين، كان قد أبلغ الرئيس بري في زيارته الأخيرة أن إدارته “تضغط جدياً على بنيامين نتنياهو لوقف الحرب لأنها لا تريد التصعيد”، وقال إن عودته إلى بيروت “ستكون خلال أيام وليس خلال أشهر كما كانَ يحصل سابقاً”، وأن التقديرات أن “أميركا تريد فرض الهدنة قبل أيام من انتخاباتها”.
وتشير المعلومات الرسمية إلى أن وزارة الخارجية اللبنانية لم تتبلغ حتى الآن بأي موعد قريب للزيارة، لكن ما كان قد أشاعه هوكشتينفي بيروت هو أن “زيارته إلى تل أبيب ستتبعها زيارة إلى بيروت في حال لمس من المسؤولين الإسرائيليين تجاوباً”.
وهنا يُفتح باب التكهنات: مع أي طرح سيتجاوب العدو الإسرائيلي؟ فموقف لبنان الرسمي معروف لجهة التمسك بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 من دون زيادة أو نقصان وهو ما لا يريده الإسرائيلي. في هذا السياق، تقول أوساط سياسية إن “زيارة هوكشتين إلى بيروت وتواصله مع الإسرائيليين، وانتقاله إلى باريس حيث بحث مع المسؤولين هناك سبل وقف إطلاق النار في لبنان ومسار الحلّ السياسي والرئاسي، والحركة المكثّفة التي يقوم بها بلينكن من إسرائيل إلى السعودية وقطر وصولاً إلى اجتماعه بالرئيس ميقاتي في لندن ليست شكلية وإنما تؤشر إلى شيء ما”.
وأشارت إلى أن “آلية تنفيذ القرار 1701 يمكن أن تكون تدريجية وهو أمر يمكن أن ترتّبه واشنطن إذا كانت جادة فعلاً في ما تقوله عن وقف إطلاق النار”، لكن يبدو أن رئيس حكومة العدو لديه رأي آخر، فهو خرج قائلاً بوضوح: “واهم من يعتقد أننا سنوقف إطلاق النار”. وقد وضع هدفاً كبيراً لعنوان معركته وهو تحرير لبنان من إيران وحزب الله، ردّاً على الدعوات لوقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية إن “نتنياهو سيتشدد كثيراً في ما يتعلق بآلية تنفيذ القرار، وهناك تقديرات بأن تتعدى الشروط الإسرائيلية التفاصيل المتعلقة بعمل اليونيفل وانتشار الجيش اللبناني إلى القيود التي ستُفرض حتى على إعادة الإعمار في الجنوب تحديداً في القرى الحدودية وتحديد الجهات التي بإمكانها أن تتولى هذه العملية خوفاً من تكرار ما حصل بعد عام 2006 وإمكانية بقاء احتمال تكرار عملية 7 تشرين الأول قائمة من الجنوب، وهذا ما يجعل خيار وقف إطلاق النار معقّداً جداً”.
من الواضح بالنسبة إلى المصادر أن نتنياهو يصرّ على مواصلة الحرب، والاستفادة من الأيام الفاصلة عن الانتخابات الأميركية. وبمعزل عن نتائج الانتخابات فإن لبنان سيكون على موعد مع تصعيد إسرائيلي كبير لتنفيد أكبر قدر من الأذى. لأن نتنياهو يعلم أن بقاء الإدارة الحالية سيدفعها إلى ممارسة الضغط عليه لوقف الحرب لأنها تريد الدخول إلى البيت الأبيض في كانون الثاني مع ورقة إنجاز في المنطقة، وبالتالي سيكون مضطراً إلى مجاراتها وتصحيح العلاقات ال