أبدى وزير التربية، عباس الحلبي، تجاوباً مع الثنائي أمل وحزب الله بشأن تعديل «خطة» وزارة التربية للاستجابة الطارئة للتعليم، بإصدار قرار، في أقرب وقت، يسمح للتلامذة والأساتذة النازحين بـ «التسجيل المزدوج»، أي الإبقاء على التسجيل في المدرسة الأم، والالتحاق بمدرسة في مكان النزوح موقتاً، إضافة إلى ترك حرية اختيار شكل التعليم المتاح للطلاب النازحين بما ينسجم مع أوضاعهم المستجدة، واعتماد التعليم «أونلاين» بصورة أساسية، خصوصاً أن هناك أساتذة غير قادرين على الوصول إلى المدارس المعتمدة للتعليم الحضوري، وآخرين لا يزالون صامدين في مناطقهم، وقسماً ثالثاً تهجّر إلى خارج لبنان.
وقد طُرح هذان المطلبان في الاجتماع الذي عقده وزير التربية مع كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والمكتب التربوي لحركة أمل والتعبئة التربوية لحزب الله كشرطين أساسيين لانطلاقة العام الدراسي، وإن كان الجانبان أبديا رغبتهما في العودة إلى التعليم وعدم إضاعة العام الدراسي. كما جرى التأكيد على هذين الشرطين في اجتماع أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير الحلبي.
وبذلك، يكون الوزير قد أخذ الضوء الأخضر لبدء العام الدراسي الرسمي في 4 تشرين الثاني المقبل، لكنّ الخطة لا تزال ورقية وضبابية ودونها تحديات كبيرة ستظهر على أرض الواقع في ما بعد. فما عرضه المدير العام للتربية عماد الأشقر في مقابلة تلفزيونية ينطوي على كثير من الضبابية، إذ قال إن هناك 350 مدرسة رسمية جاهزة لاستقبال الطلاب وهي ليست معتمدة مراكز إيواء، وقد جرى تجهيز 50 مدرسة منها ليقوم الأساتذة بالتعليم «أونلاين» فيها، مشيراً إلى أن المدارس المعتمدة لن تبعد أكثر من 2 – 3 كم عن مكان تواجد الطالب، وأن هناك توجهاً لدى وزارة التربية لوضع 90 باصاً لنقلهم. ولفت إلى تمديد التسجيل إلى 15 تشرين الثاني، مشيراً إلى أن هناك 154 ألف تلميذ تسجّلوا من أصل 280 ألفاً، وأن هناك 169 مدرسة خاصة سيتم اعتمادها لتدريس الطلاب النازحين بعد الظهر.
ويبدو من كلام الأشقر أن عدد التلامذة المستهدفين هو 280 ألفاً (أي تلامذة المدارس الرسمية من دون 30 ألف تلميذ سوري مسجّلين في هذه المدارس)، فماذا عن 110 آلاف تلميذ سوري آخر يدرسون في مدارس بعد الظهر؟ وهل ستموّل اليونيسف والجهات المانحة التعليم من دون هؤلاء؟ وماذا عن 400 ألف تلميذ نازح كانوا يتعلمون في مدارس خاصة؟ وكيف ستتوزع الـ 350 مدرسة المعتمدة على المحافظات؟ وهل تقع هذه المدارس في المدن أم في القرى البعيدة في البترون أو عكار؟ هل دُرست القدرة الاستيعابية لهذه المدارس وحاجاتها إلى الأساتذة، خصوصاً أن في التعليم الرسمي 1300 مؤسسة بين مدرسة وثانوية؟
كثير من الأهالي لم يسجّلوا أبناءهم لدواع أمنية والبعض ليس لديه ثقة بالوزارة وبالخطة، وثمة قسم يائس من الوضع، وربما هذا هو العدد الأكبر.
وتناقش، اليوم، روابط التعليم الخطة في لقاء يُعقد في الوزارة تشارك فيه المكاتب التربوية الحزبية ولجان المتعاقدين وستطرح الروابط هواجسها، وتدفع باتجاه تأجيل انطلاق العام الدراسي أسبوعين إضافيين بالحد الأدنى ريثما تنجلي الأمور ويُستكمل إحصاء أعداد الأساتذة والطلاب وتوزيعهم الجغرافي. فيما ستقترح رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي بأن يكون التعليم الحضوري اختيارياً، وأن يكون التوجه هو للتعليم «أونلاين»، باعتبار أن أقرب ثانوية أو مدرسة من مركز الإيواء قد تكون بعيدة وكلفة الانتقال إليها مرتفعة. وفي هذا السياق، ستطلب الروابط أن يتسجّل الأساتذة والطلاب في ثانوياتهم ومدارسهم الأساسية ويتابعوا معها التعليم عن بعد. وسترفض الرابطة التعليم بعد الظهر، وخصوصاً أن خطة الوزارة ستقضي باعتماد الدوام بعد الظهر في المدارس الخاصة المعتمدة للتعليم.
وكان عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي، عصمت ضو (الحزب التقدمي الاشتراكي)، أشار، خلال مقابلة تلفزيونية، إلى أنه «حتى الساعة ليس هناك إحصاء دقيق للأساتذة والطلاب النازحين»، لافتاً إلى أن هناك من أصل 274 ثانوية رسمية 90 ثانوية موجودة على خط النار ومقفلة تماماً، وهناك 100 ثانوية مستخدمة كمراكز إيواء وتضم 60 ألف نازح، ونحو 70 مدرسة قادرة على التعليم الحضوري.