لا جواب من قائد الجيش العماد جوزف عون حتى الآن على طلب موعد للقائه من قبل وفد من التيّار الوطني الحرّ الذي وضع قيادة الجيش ضمن أجندة لقاءاته التي بدأها قبل أيام مع القوى السياسية وقادة الأجهزة الأمنيّة والعسكرية. يتشكّك كثيرون في احتمال حصول اللقاء ربطاً بالتراكم السلبي في العلاقة بين النائب جبران باسيل وقائد الجيش، سيّما أنّ الرسالة التي سيحملها الوفد قد تكون استفزازية لعون الذي يطالبه باسيل بأن يكون أكثر جدّية ومسؤولية في التعامل مع “مشروع الفتنة الذي قد ينفجر بأيّ لحظة، ولأنّه ليس من الممكن تكرار تجربة مرحلة ما بعد انفجار المرفأ لناحية تفرّج الجيش على انفلات الشارع وعدم ضبطه“.
تزامنت اللقاءات التي يقوم بها وفد التيّار الوطني الحرّ مع حركة ناشطة لنوّاب الحزب مع عدد من القوى السياسية “لوضعها في مجريات الواقع الميداني في الجنوب ونقاط الضعف التي يعانيها ملفّ النازحين وثغرات المساعدات”، كما قال نائب كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض.
من خلال هذه اللقاءات رَسَم الحزب خطّاً عريضاً أمام قوى الداخل عبّر عنها فيّاض بالقول إنّ “كلّ القراءات بما في ذلك موقف الحكومة تستند إلى ما تحقّقه المقاومة في الميدان للحؤول دون أن يملي العدوّ شروطه أو أيّ جهة دولية أخرى”، وهو الأمر الذي كرّره أمس النائب حسن فضل الله عبر التأكيد أنّ “المقاومة لن تسمح للعدوّ بفرض شروطه”.
لكنّ الهدف الأساس للحزب كان التركيز على أولويّة وقف إطلاق النار كخطوة حتمية تسبق الحديث عن آلية تنفيذ 1701 وطرح انتخاب رئيس الجمهورية.
تفيد المعلومات بأنّ خيارات باسيل “التوافقية” تراوح بين مدير المخابرات السابق جورج خوري والوزير السابق زياد بارود حتى لو سبق لباسيل أن عكس عدم اقتناعه بطرح ترشيحه
بين الحزب وباسيل
أولويّة “وقف الحرب ثمّ الرئاسة” لدى الحزب تضاف إلى سلسلة الخلافات مع رئيس التيّار الوطني الحر الذي توّجها بإعلان نعي التحالف مع قيادته. إذ إنّ جوهر تحرّك باسيل أخيراً الأقرب إلى ملء الفراغ في الوقت الضائع يقوم على الضغط لوقف إطلاق النار وانتخاب رئيس وعدم الربط بين الاستحقاقين كما يفعل الحزب ثمّ “تَبِعه” الرئيس نبيه بري الذي يقرّ باسيل بأنّه تعرّض لضغوطٍ إيرانية دفعته إلى التراجع خطوة إلى الوراء في ما يخصّ انتخاب رئيس توافقي قبل نهاية الحرب، وهو استنتاج يعاكس تصريحات برّي الأخيرة.
قائد الجيش
وفي أحدث موقف للحزب من ملف الرئاسة قال النائب حسين الحاج حسن أمس خلال حديث تلفزيوني: “لا يتوقّف ّ الأمر فقط على أولوية وقف إطلاق النار. فنحن نسأل هل من يدعو لجلسة انتخاب الرئيس يعلم إذا نصاب ال 86 نائباً مؤمّناً؟”، مشكّكاً بشكل غير مباشر بتوافر الثلثين من دون أن يحدّد إذا كان يقصد نصاب الحضور أو الانتخاب الذي يشترطه الرئيس بري لانتخاب الرئيس المقبل.
بعدما كان باسيل قد وجّه رسائل مشفّرة في هذا السياق مصوّباً على الفريق الذي يعطّل استحقاق الرئاسة قبل وقف إطلاق النار يوضح النائب أسعد درغام لـ “أساس”: “هناك قرار خارجي إيراني بعدم انتخاب رئيس إلى حين وقف إطلاق النار. لبنان راهناً ورقة بيدهم كوسيلة من وسائل التفاوض خدمة لأهدافهم. نلمس اليوم هدوءاً في العراق وسوريا، فيما لبنان وحده يدفع ثمن حرب لا مصلحه له فيها. الإيراني حتّى الآن غير مشارك وغير داعم إلّا بالحكي، وهو يتفرّج. فأين وحدة الساحات؟”.
في الوقت عينه يشير درغام إلى “رصد تقاطع مصالح إيراني-أميركي بعدم انتخاب رئيس، سيّما أنّ واشنطن التي تتبنّى قائد الجيش رئيساً للجمهورية ترى جيّداً أنّ ظروف انتخابه ليست متاحة الآن، لذلك التأخير يصبّ أيضاً في مصلحتها”.
هناك شقّ أمنيّ-عسكري لتحرّك التيّار الوطني الحر من خلال الاجتماع بقادة الأجهزة الأمنيّة ووزيرَي الدفاع والداخلية، فيما يبقى اللقاء مع قائد الجيش معلّقاً حتى إشعار آخر
في المقابل تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ “أساس”: “يرى باسيل أنّ اللحظة السياسية مؤاتية لانتخاب رئيس في ظلّ ميزان القوى القائم حالياً، واحتمال انتخاب رئيس توافقي ممكن، خصوصاً إذا طال أمد الحرب في ظلّ رفض تامّ وقاطع لانتخاب قائد الجيش، مع تخوّف مستقبلي وضمني لاحقاً من تمدّد رقعة النفوذ القوّاتي على الطاولة ربطاً بتسوية ما بعد الانتخابات الأميركية”.
هنا تفيد المعلومات بأنّ خيارات باسيل “التوافقية” تراوح بين مدير المخابرات السابق جورج خوري والوزير السابق زياد بارود حتى لو سبق لباسيل أن عكس عدم اقتناعه بطرح ترشيحه. مع العلم أنّ باسيل وجّه رسائل مكتوبة عبر موفديه إلى القوى السياسية في شأن وقف الحرب والرئاسة والوضع الداخلي والنازحين من دون أيّ إشارة إلى أسماء رئاسية أو فيتوات على أسماء.
اللّقاء مع قائد الجيش
في المقابل، هناك شقّ أمنيّ-عسكري لتحرّك التيّار الوطني الحر من خلال الاجتماع بقادة الأجهزة الأمنيّة ووزيرَي الدفاع والداخلية، فيما يبقى اللقاء مع قائد الجيش معلّقاً حتى إشعار آخر.
في هذا السياق يقول النائب درغام: “لدينا مخاوف كبيرة من فتنة داخلية واستغلال البعض للأجواء المشحونة والتسبّب بفوضى أمنيّة، ويجب على الأجهزة، خصوصاً الجيش وقوى الأمن، أن لا تتهاون مع أيّ حدث. فالأرض لا تحتمل كما حصل “أيام الثورة”، حين كان عشرة أشخاص يقطعون الطريق ولا أحد يتدخّل. اليوم “العشرة بيعملو فتنة” وقد تخرج الأمور عن السيطرة”.