ساعات حاسمة… ومصير السّلاح مجهول

في الأيام الماضية ضغط جيش العدوّ الإسرائيلي بجولات من قصف صاروخي عنيف ومكثّف لا مثيل له منذ بدء العدوان الجوّي في 23 أيلول الماضي، وتوّج بتنفيذ اغتيالات في عمق العاصمة بيروت في رأس النبع ومار الياس. أتى ذلك ضمن سياسة تشديد الخناق على القيادة السياسية اللبنانية للقبول بالشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار. يَخطف الداخل اللبناني أنفاسه بانتظار تسليم الرئيس نبيه بري الجواب على المقترح الأميركي وردّ تل أبيب عليه.

في هذا السياق تفيد معطيات “أساس” بأنّ الجانب اللبناني لم يبلَّغ رسمياً بعد بعودة الموفد الأميركي، وأنّ هذه العودة غداً أو بعد أيام مرهونة باتّصالات لم تتوقّف بين الرئيس بري وآموس هوكستين من جهة وعلى خطّ بري – ميقاتي – “الحزب” من جهة أخرى. سرّبت مساء أمس معلومات عن تسلّم عين التينة ردّ الحزب على الاقتراح الاميركي على أن يُسلّم إلى السفارة الاميركية، ثم يرسَل إلى واشنطن وبناءً عليه تقرّر زيارة هوكشتاين إلى بيروت. النقاش الداخلي وفق المعلومات تناول أكثر من جانب في الاقتراح الأميركي يتجاوز مسألتَي لجنة مراقبة تنفيذ القرار والهامش الذي تتمسّك به إسرئيل في التدخّل عند الضرورة بعد سريان الاتفاق إذا ما رصدت خرقاً من جانب الحزب أو تقصيراً من جانب الجيش اللبناني.

كما تفيد أوساط عين التينة لـ”أساس” أنّ “جواب لبنان على المقترح الأميركي هو نتاج الاتّصالات التي لا تزال ناشطة والتي قد تسمح اليوم أو غداً بتسليم الأجوبة اللبنانية. وحين نقول إنّه تمّ الاتفاق على 80% أو 90% فهذا يعني أنّنا لم نتّفق بعد، والأمور مرهونة بخواتيمها”.

ماذا عن دور الجيش المنصوص عنه في مسوّدة الاقتراح الأميركي؟ توضح الأوساط: “بالنسبة لنا هو نصّ القرار 1701 من دون زيادة أو نقصان”، مع العلم أنّ القرار المذكور لا يشير صراحة إلى إيكال مهمّة نزع سلاح الحزب في جنوب الليطاني للجيش اللبناني كما يطالب الجانب الإسرائيلي راهناً.

هناك نصّ عن “منع كلّ الدول من تزويد أيّ كيان أو فرد في لبنان بالأسلحة والعتاد”، وهذا ما يجب أن يسري على الجميع في الداخل

منع تصدير السّلاح

أمّا في ما يتعلّق بمسألة حظر تزويد الحزب بالسلاح، فتشير الأوساط إلى “الدليل” الأوّل والأوحد، وهو القرار 1701 الذي إذا ما نفّذ بحذافيره يعطي الإجابة على موضوع التسلّح، وذلك عبر أحد بنود الفقرة 8 من القرار الذي ينصّ على “منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدّات ذات الصلة إلى لبنان عدا ما تأذن به حكومته”، إضافة إلى الفقرتين “أ” و”ب” في البندين 14 و15 اللتين تتحدّثان بوضوح عن مطالبة حكومة لبنان “بتأمين حدوده وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو ما يتّصل بها من عتاد إلى لبنان دون موافقتها”، وهذا ما يحفظ السيادة اللبنانية. كما هناك نصّ عن “منع كلّ الدول من تزويد أيّ كيان أو فرد في لبنان بالأسلحة والعتاد”، وهذا ما يجب أن يسري على الجميع في الداخل.

لبنان

كما لا تزال الفقرة الثالثة من البند رقم 8 محطّ نقاش طويل بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وهي تتحدّث عن “التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 التي تطالب بنزع سلاح كلّ الجماعات المسلّحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أيّ أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخصّ الدولة اللبنانية، عملاً بما قرّره مجلس الوزراء اللبناني المؤرّخ 27 تموز 2006”.

لا ردّ مفصّلاً

عملياً، قوبلت الإيجابية الإسرائيلية، أقلّه في الإعلام، التي سوّقت لاحتمال التوصّل إلى تسوية، بإيجابية مضادّة صدرت عن عين التينة ضمن سياق المناورة المتبادلة كي لا يتحمّل أيّ من الطرفين مسؤولية إفشال المسعى الأميركي على أبواب مغادرة جو بايدن البيت الأبيض.

لا تزال الأوساط الرسمية اللبنانية تتحدّث عن “مسوّدات تفاوض” قد تخضع للعديد من التعديلات، لا سيّما أنّها تجمع بين اقتراحين أساسيَّين

تفيد معلومات “أساس” أنّ الردّ اللبناني لن يكون مفصّلاً في شأن العديد من نقاط الالتباس على أن تكون محطّ نقاش موسّع مع الموفد آموس هوكستين حين يصل إلى بيروت، لكنّها تتضمّن بالتأكيد ما يشبه المسلّمات لجهة رفض تكريس أيّ دور عسكري وأمنيّ لإسرائيل تحت عنوان صدّ الخروقات ورفض توسيع عضوية لجنة المراقبة المولجة مراقبة تنفيذ القرار 1701 أو توسيع مهامّ اللجنة الثلاثية الحالية المؤلّفة من لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، مع عدم ممانعة توسيع عديد قوات اليونيفيل.

لا تزال الأوساط الرسمية اللبنانية تتحدّث عن “مسوّدات تفاوض” قد تخضع للعديد من التعديلات، لا سيّما أنّها تجمع بين اقتراحين أساسيَّين:

1- ما سمعه هوكستين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حين غادر يومها تل أبيب من دون أن يمرّ ببيروت بعدما سلّم بأنّ الشروط الإسرائيلية لن تكون مقبولة من الجانب اللبناني.

2- (ومن جهة ثانية) المسوّدة التي تمّ الاتفاق عليها سابقاً بين هوكستين والرئيس بري، بالتنسيق مع الرئيس نجيب ميقاتي والحزب، والتي لم تجد أيّ صدى لها في تل أبيب.

ساعات حاسمة

بالتأكيد، ستكون الساعات القليلة المقبلة حاسمة في سياق الفصل بين خياريْن: وقف إطلاق النار وتنفيذ مسوّدة الاتفاق بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني، أو الدخول في مرحلة استنزاف طويلة حتى ما بعد تسلّم إدارة الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم، وهو ما سيمنح إسرائيل، وفق مصدر مطّلع، فرصة تاريخية قد لا تتكرّر على مستويين:

تفيد أوساط عين التينة أنّ “جواب لبنان على المقترح الأميركي هو نتاج الاتّصالات التي لا تزال ناشطة والتي قد تسمح اليوم أو غداً بتسليم الأجوبة اللبنانية

1- محاولة القضاء على كامل مخزون الحزب من الصواريخ والأسلحة وتحقيق تقدّم ميداني الهدف منه ربح الميدان لفرض شروط قاسية على لبنان، وليس بهدف تكريس الاحتلال العسكري، وهو ما عكس أداء القيادة الإسرائيلية منذ بدء عملية التوغّل البرّي.

2- تنفيذ أوسع عملية تدمير وتوسيع رقعته الجغرافية لفرض أمر واقع يصعّب كثيراً من العودة في المدى الزمني المتوسّط، ويرفع تكاليف إعادة الإعمار إلى مستوى قياسي يتجاوز كلفة حرب تموز التي كان لإيران نسبة مساهمة فيها وصلت إلى 40%. والأهمّ تقليب الرأي العامّ اللبناني على الحزب الذي ترفض قيادته بشكل قاطع وتحت أيّ ظرف وقف إطلاق النار من جانب واحد. ويتبدّى ذلك من خلال عمليات القتل الجماعي للمدنيين والنازحين وتمدّد القصف إلى مناطق التماسّ مع بيروت ومناطق مسيحية ودرزية وصولاً إلى اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف في منطقة رأس النبع، وتنفيذ عملية اغتيال للقيادي في الحزب محمود ماضي في مار الياس.

اترك تعليق