يبني اللبنانيون على ما انتهى إليه عام 2024 ليتحدثوا عن تفاؤل حذر بالعام الجديد. فرغم الحرب التدميرية التي شنتها إسرائيل لنحو 65 يوماً، والتي أدت لمقتل وجرح الآلاف وتشريد مئات الآلاف، فإن التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ نهاية الصيف، وبالتحديد لجهة تقلص نفوذ إيران أولاً من خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على «حماس»، ثم في لبنان بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها «حزب الله»، وصولاً لسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وقطع طريق طهران – بيروت؛ أي طريق إمداد «حزب الله» بالسلاح، تجعل كثيرين يعتقدون أن كل ذلك سيصب لصالح بناء دولة فعلية بعد سنوات طويلة من بسط الدويلة سيطرتها عليها.
الانتخابات الرئاسية
ويمكن الحديث عن مجموعة استحقاقات ينتظرها اللبنانيون خلال هذا العام، ولعل أبرزها انتخاب رئيس للجمهورية بعد أكثر من عامين على الشغور المتواصل في سدة الرئاسة الأولى.
ولم يشهد العام الماضي أي جلسة انتخاب بعد إعطاء «الثنائي الشيعي» المتمثل بحركة «أمل» و«حزب الله» الأولوية للقتال لدعم غزة في النصف الأول من العام، وللتصدي للحرب الموسعة التي شنتها إسرائيل على لبنان في النصف الثاني منه.
وتتجه الأنظار إلى الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التاسع من يناير (كانون الثاني) لانتخاب رئيس بعد 12 جلسة عقدت لهذا الغرض منذ عام 2023 ولم تأت بنتيجة؛ بسبب الانقسام العمودي داخل المجلس والتوازنات البرلمانية الحالية.
إلا أن البعض يعوّل على أن تقوم بعض الكتل بمراجعة موقفها في هذا الملف مع تراجع نفوذ «حزب الله»، ما يؤدي لانتخاب رئيس في الأسابيع المقبلة.
مهام الحكومة
وبعد الانتخابات الرئاسية يفترض أن يتم تعيين رئيس لمجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة المرحلة المقبلة، سواء مالياً أو اقتصادياً أو سياسياً.
ومن أبرز الاستحقاقات التي تنتظر هذه الحكومة ضمان تنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ العمل فيه في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل قرى وبلدات لبنانية حدودية، كحد أقصى في 26 يناير المقبل، خاصة في ظل وجود خشية لدى كثيرين من عدم التزام إسرائيل بالمهلة الزمنية الموضوعة (60 يوماً) بعد أكثر من 800 خرق قامت به للاتفاق، ما قد يؤدي لتجدد الحرب بشكل أو بآخر.
وبعد تثبيت وقف النار، سيكون على الحكومة التعامل مع ملف إعادة الإعمار الذي حتى الساعة لا يزال يراوح مكانه بانتظار مساعدات دولية يُرجّح أن يتم ربطها بتنازلات سياسية يقدمها «الثنائي الشيعي».
وبات محسوماً أن مصير سلاح «حزب الله» سيعود إلى طاولة البحث بعد سنوات من رفض الحزب أي نقاش في هذا المجال. وهو أرسل إشارات مؤخراً باستعداده للتوصل لتفاهم حول استراتيجية دفاعية وطنية يكون سلاحه جزءاً منها، فيما باتت القوى التي تعارضه تطالب بنزع هذا السلاح بالكامل وتسليمه للجيش اللبناني.
كما سيكون على لبنان فتح صفحة جديدة من العلاقات مع «سوريا الجديدة»، وإعادة النظر بالاتفاقات والمعاهدات الموقعة بين البلدين، والأهم حسم ملف النازحين السوريين الذين يوجدون بمئات الآلاف في الداخل اللبناني منذ عام 2011.