“ميني انتفاضة” تستدرج تفاهماً قبل تشكيل الحكومة

بمقاطعتهما الاستشاراتِ النيابية غير المُلْزِمة التي بدأها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام، أمس، ولكن من دون أن «يَقْطعا» معه ولا مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، لم يعبّر رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» عن استياءٍ أبْدياه «بالفم الملآن» وخلْف الأبواب المغلَقة على ما اعتبراه «كميناً» و«خديعة»أفضتْ الى الارتداد على ما قالا إنه تَفاهُم كان قائماً على عودة نجيب ميقاتي الى رئاسة الوزراء، بقدر ما أنهما يسعيان إلى استدراجِ اتفاقٍ على ما يشبه«كتابِ ضماناتٍ»بنفس المواصفاتِ التي يؤكدان أنها رافقتْ انضمامهما إلى مؤيّدي انتخاب قائد الجيش على رأس الدولة في جلسة 9 يناير وإكمالهما النصاب العددي لوصوله.

«ميني انتفاضة»

وبمعزلٍ عن اعتبار البعض أن قيادةَ بري حركة الاعتراض على ما وصفه الثنائي الشيعي بأنه أقرب إلى انقلابٍ سياسي على مسارٍ كاملٍ طَمْأنه إلى«القفز» مع موجة الضغط الخارجي الكبيرة في اتجاه انتخاب العماد جوزف عون، هي بهدف احتواءِ غضبة «حزب الله» وتَفادي أي تعبيراتٍ عنها قد ترتدّ على مجمل المرحلة الجديدة التي يصعب فرملة اندفاعتها، وتالياً أن رئيس البرلمان سيعمد في نهاية المطاف وبعد «عض أصابع» إلى «التقاط اللحظة» قبل أن «يفوتَ القطارُ»، فإن أوساطاً مطلعة ترى أن الـ «ميني انتفاضة» من الثنائي تعبّر في عمقها عن مأزق وَجَدَ نفسه فيه محاصَراً بحجم هائلٍ من التحولاتِ الإقليمية التي سرعان ما صارت لها إسقاطات محلية وبات معها غير قادر على التقدّم بخطواتٍ من زمن الفرْض بوهج فائض القوة ولا على التراجع بما قد يشجّع على المزيد من قضم نفوذه المتآكل.

«القفل والمفتاح»

وفي حين تتوقف الأوساط عند ثاني مشهدية في أقل من 48 ساعة يَظْهر فيه بري و«حزب الله» وحيديْن بلا أي «ظهير» داخلي، حيث تفرّق حلفاؤه المفترضون عنه يوم تسمية سلام، ترى أنه ليس سهلاً على زعيمَ حركة «أمل» (بري) الذي تحوّل منذ 1992«القفل والمفتاح» في المشهد اللبناني والذي كان حتى الأمس القريب يفاوض واشنطن وعواصم القرار حول ملفاتٍ إستراتيجية أن يعايش مرحلةً تُطبخ فيها خياراتٌ بلعبةٍ داخلية لم تخلُ من مناوراتٍ من دون أن تكون له القدرة على الشَبْك معها مسبقاً وضمان «مكانة» له فيها، في الوقت الذي يتطلّب الأمر وقتاً للحزب لاستيعاب التحولات المذهلة التي أصبح معها يجاهر بأنه صار في موقع من تُنصب له كمائن ويكتفي برفضها «بهدوء».

وتشير الأوساط نفسها إلى أن الثنائي الشيعي الذي كان شريكاً في انتخاب رئيس الجمهورية واعتبر أن «شَرْكاً» وُضع له في رئاسة الحكومة، يحاول من خلال مقاطعة استشارات التكليف وحتى عدم حضور بري أمس إلى البرلمان للقاء سلام ثنائياً على ما درجت العادة عند انطلاق مسار التأليف، جرّ الآخرين، ولا سيما عون وسلام، إلى تَفاوضٍ حول المرحلة المقبلة يتناول مجموعة عناوين يقول إنه سبق أن تم التفاهم عليها قبيل انتخاب رئيس الجمهورية وكممرّ لذلك و«طارت» منها عودت ميقاتي الى رئاسة الحكومة.

اترك تعليق