بينما ينازع الرئيس المكلف من أجل ولادة حكومته، تتكدّس الملفات والاستحقاقات الضاغطة في وجه عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون. البلاد بحاجة إلى ورشة إقتصادية كبرى لا نملك ترف تضييع الوقت لإطلاقها سريعاً. تلك الورشة عبارة عن إجراءات لا بدّ أن تبصر النور وتظهر معالمها في أولى جلسات الحكومة الجديدة المنتظرة.
من البديهي، أن أولى الإجراءات المطلوبة من الحكومة العتيدة تتعلّق بإطلاق ورشة إعادة الإعمار، التي استجدّت بعد الحرب وأمست أمراً ملحاً، لا مبالغة بالقول إنها تتكامل، بحسب أغلب الخبراء، مع بقية الإصلاحات. بل حتى تتقدمها.
إعادة الإعمار هي الأولوية
في هذا الصدد، يشير أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية – الأميركية خليل جبارة لـ “نداء الوطن”، إلى ضرورة أن تعمل الحكومة الجديدة على وضع “خطة شاملة” لإعادة الإعمار، ويعتبر أنّه “حتى يومنا هذا، لم تقم الجهات الرسمية بأيّ خطوة ملموسة سوى البدء في وضع اتفاقات بالتراضي لتلزيم أعمال جمع الردم”. مؤكداً أنّ خطة إعادة الاعمار “يجب أن تتضمّن الجوانب الهندسية والتقنية، بالإضافة إلى وضع آلية واضحة”.
ومن بين الحلول المقترحة، يقول جبارة “يمكن للحكومة أن تقترح إنشاء صندوق ائتماني متعدّد المانحين (Multi-Donor Trust fund) تقوم الدول المانحة بتغذيته بالأموال، على أن يُدار من خلال مجلس إدارة يُشرف على صرف الأموال وتحديد المشاريع والأولويات”.
أمّا الإجراءات الأخرى، فيؤكد جبارة أنّها تتساوى بالأهمية مع إعادة الإعمار، وهي البدء بتطبيق برنامج متكامل للإصلاح الاقتصادي يعتمد على الركائز التالية:
1- إعادة هيكلة القطاع العام: وذلك لضمان استعادة الثقة في القطاع المصرفي وقدرته على دعم النمو الاقتصادي.
2- الإصلاحات المالية: وذلك من خلال خفض العجز المالي، وخلق مساحة للاستثمار في القطاعات الحيوية مثل قطاعات الصحة والتعليم وتطوير البنى التحتية.
3- إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة: مع التركيز على قطاع الكهرباء، الذي يعاني من خسائر فادحة ويشكل عبئاً على المالية العامة، كما يشكل عبئاً على المواطنين اللبنانيين، خصوصاً نتيجة ارتفاع التكلفة المقرونة بعدد ساعات التغذية المتواضع، والتي قد ترتفع إلى معدلات مخيفة في حال استمرت التسعيرة على حالها وارتفع عدد ساعات التغذية.
4- تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد: في نظر جبارة، فإنّ هذه الخطوة شديدة الأهمية لأنها المفتاح لتحسين الشفافية والمساءلة في إدارة الشأن العام، وهي الممر الإلزامي للقضاء على الفساد ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خصوصاً بعد إدراج لبنان على “اللائحة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF).