توقفت الأوساط السياسية أمام قول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه تلقى ضوءاً أخضر من واشنطن ببقاء جيشه في المواقع الخمسة في جنوب لبنان إلى أمد زمني غير محدود، وسألت أين يقف رئيس لجنة المراقبة الدولية المشرفة على تثبيت وقف النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، ومن خلفه سفيرة بلاده لدى لبنان ليزا جونسون؟ وهل جاء كلامه معطوفاً على ما أورده في تقريره إلى إدارته بأن الجيش اللبناني، كما تدّعي تل أبيب، لم يلتزم بوقف النار ويجد صعوبة في الانتشار بالبلدات التي تنسحب منها إسرائيل؟
فبقاء الجيش الإسرائيلي في هذه المواقع بغطاء أميركي أقلق الحكومة اللبنانية وفاجأها، وهي تدرس دعوة هيئة المراقبة الدولية لاجتماع عاجل لاستيضاح رئيسها الجنرال جيفرز عن موقف واشنطن، وما إذا كانت على تناغم مع الإجازة لتل أبيب بعدم انسحابها منها؟ أم أن الوزير الإسرائيلي أخذ على عاتقه توريطها في موقف يتعارض كلياً والالتزام الذي قطعته واشنطن على نفسها بانسحاب إسرائيل بالكامل من الجنوب.
المواقع الخمسة
ولفت مصدر وزاري بارز إلى أنه لا يرى من مبرر لبقاء الجيش الإسرائيلي في المواقع الخمسة على نحو يؤدي إلى تقطيع الأوصال بين البلدات الجنوبية، نظراً لصعوبة الانتقال من بلدة إلى أخرى. وقال لـ«الشرق الأوسط» بأن لبنان لم يُبلَّغ بوجود رغبة أميركية بتوفير الغطاء السياسي الذي يتيح لتل أبيب تمديد احتلالها لها. ورأى أن باريس ما زالت على موقفها بضرورة انسحاب إسرائيل من الجنوب، وهي تتعارض مع الموقف الأميركي، في حال تبين أن واشنطن تؤيد احتلالها لهذه المواقع.
وكشف عن أن باريس تقف إلى جانب تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، بما يمكّن الدولة اللبنانية من بسط سيادتها بالكامل على جميع أراضيها بدءاً من جنوب الليطاني، وتؤيد على بياض حصر احتكار السلاح بالشرعية، كما تعهد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خطاب القسم. وأكد أنها لن تبدّل موقفها وإن كانت لا تعارض منح الحكومة فرصة محدودة قد تكون في حاجة إليها لتلتقط أنفاسها وصولاً إلى تحديد جدول زمني لنزع سلاح المجموعات المسلحة، في إشارة إلى «حزب الله»، شرط أن تتحوّل منطقة جنوب الليطاني إلى بقعة منزوعة السلاح غير الشرعي، ويُعهد للجيش اللبناني مواصلة الانتشار فيها بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة «يونيفيل».
ورأى المصدر نفسه أن تل أبيب لا تسمح لنفسها، بالإنابة عن واشنطن، ما لم تتأكد بأنها تقف إلى جانبها في السراء والضراء. وسأل ما إذا كان عدم انسحابها منصوصاً عليه في الاتفاق الجانبي بينهما، الذي هو بمثابة ملحق خاص باتفاق وقف النار الذي ترعى تطبيقه الإدارة الأميركية؟
كما سأل ما إذا كانت تل أبيب ببقاء جيشها في المواقع الخمسة تمارس كل أشكال الضغط على لبنان، ليس للتفاوض معه كشرط لانسحابها منها فحسب، وإنما تريد منذ الآن تحضير الأجواء لإرغامه على الدخول معها في تطبيع للعلاقات على قاعدة وقف الأعمال العدائية بين البلدين؟
لا مفاوضات مباشرة
ويأتي السؤال هذا مع ارتفاع منسوب المخاوف حيال قيام إسرائيل بربط انسحابها من المواقع الخمسة بالنقاط الـ13 التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها بذريعة أنها تقع في المناطق المتداخلة بين البلدين والتي تخضع بالكامل للسيادة اللبنانية، وبالتالي لا بد من تصويبها بتصحيح الخلل الناجم عن رسم الخط الأزرق بإعادتها إلى خط الانسحاب للحدود الدولية للبنان التي رسمتها اتفاقية الهدنة المعقودة بين البلدين في آذار (مارس) 1949.